أنواع التضحية في الإسلام
يشجع الإسلام على تقديم التضحية في مختلف المجالات، حيث تُعتبر هذه التضحية وسيلة لنشر الدعوة الإسلامية وتعزيزها في شتى أنحاء العالم. لقد قدم المسلمون العديد من الأمثلة على أنواع مختلفة من التضحية من أجل رفع كلمة الله تعالى، وهو ما يتماشى مع ما ورد في القرآن الكريم الذي يقول: {قُلْ إِن كَانَ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا أَحَبَّ إِلَيْكُم مِّنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُوا حَتَّىٰ يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ ۗ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ}.
وتتنوع أوجه التضحية، وفيما يلي بعض الأنواع الأساسية:
التضحية بالنفس
تُعد التضحية بالنفس من أعظم أنواع التضحيات الممكنة، حيث إن حب الذات من الغرائز البشرية. ورغم أنها تُعتبر أغلى ما يملكه الإنسان، إلا أن الإسلام يشجع على هذه التضحية طلبًا لمرضاة الله سبحانه وتعالى ورغبة في دخول جنته، بالإضافة إلى الدفاع عن الدين. ويُطلق على من يُضحي بنفسه لقب الشهيد، الذي يناله بمكانة رفيعة تُشبه مقام الأنبياء والصديقين، كما ورد في قوله تعالى: {وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَأُولَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقًا}.
التضحية بالمال
يُعتبر المال أحد أهم الأمور في حياة الإنسان، وبالتالي فإن التضحية به تُعد من أصدق أنواع التضحيات. يُعتبر الإنفاق في سبيل الله ضرورة شرعية تتجلى في قوله تعالى: {لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ شَيْءٍ فَإِنَّ اللَّهَ بِهِ عَلِيمٌ}.
وأبدع الصحابي الجليل أبو بكر الصديق رضي الله عنه في تضحياته المالية عند استعدادهم لفتح تبوك، حيث يروى عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه قال: [أمرَنا رسولُ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أن نتصدَّق، فكان عندي مال كبّرتُ في تمنّعِه فقلت: سأسبقُ أبا بكرٍ، فجئت بنصف مالي، فقال رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم: ما أبقيتَ لأهلِكَ؟ فقلتُ: مثله، وأتى أبو بكر بكل ما عنده، فقال: أبقيت لهم الله ورسوله، فقلت: لا أسبقُهُ إلى شيءٍ أبدًا].
التضحية بالوقت والجهد
من أبرز أنواع التضحية التي يُمكن أن يقدمها الإنسان الوقت والجهد في عبادة الله تعالى، وطلب العلم، والدعوة إليه. هذه التضحيات تعزز مبدأ الخير في الأمة الإسلامية، كما تسهم في الإصلاح بين الناس، كما جاء في قوله تعالى: {كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَوْ آمَنَ أَهْلُ الْكِتَابِ لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ مِنْهُمُ الْمُؤْمِنُونَ وَأَكْثَرُهُمُ الْفَاسِقُونَ}.
التضحية بالهجرة من الوطن
جسد النبي محمد صلى الله عليه وسلم وصحبه الكرام تضحية كبيرة عندما هاجروا من مكة، موطنهم الأصلي، إلى المدينة استجابةً لأمر الله تعالى، بهدف بناء دولتهم الإسلامية التي انتشرت في كافة أرجاء الأرض. تُعتبر هذه الهجرة تضحية هائلة، لما تحمله من تحديات نفسية وصعوبات للمهاجر.