ما هي الرابطة التساهمية؟
الرابطة التساهمية تُعد واحدة من أبرز أنواع الروابط الكيميائية، وتفخر بأنها من أقوى الروابط التي تربط بين الذرات. يتم تشكيل هذه الرابطة عندما تشارك ذرتان أو أكثر في زوج واحد أو أكثر من الإلكترونات، مما يتيح لها الوصول إلى حالة توازن واستقرار كيميائي. ويتسم هذا الترابط بالجذب الإلكتروستاتيكي، كما تتشكل الرابطة التساهمية عندما تكون الطاقة الإجمالية للذرات المترابطة أقل من الطاقة في الذرات المفردة.
تميل الذرات إلى الانخراط في مشاركة أزواج الإلكترونات لتحقيق ما يعرف بقاعدة الثمانية (بالإنجليزية: octet rule)، وهي قاعدة كيميائية تشير إلى أن الذرات تسعى للارتباط بحيث يكون عدد الإلكترونات في غلافها الخارجي مساوياً لثمانية. هذا الأمر يعني أن الجزيئات ستصبح أكثر استقراراً، وذلك لأن جميع المدارات ستكون ممتلئة بالكامل.
أنواع الروابط التساهمية حسب العدد
تحدد عدد أزواج الإلكترونات المشتركة بين ذرتين نوع الرابطة التساهمية التي تتشكل بينهما. فيما يلي توضيح لمختلف أنواع الروابط التساهمية:
الرابطة الأحادية (Single Bond)
تعتبر الرابطة الأحادية هي الرابطة التي تساهم فيها كل ذرة بزاوج واحد من إلكترونات المدار الخارجي (إلكترونات التكافؤ). ومن المثال الشائع على هذه الرابطة هو الرابطة الأحادية بين ذرات الهيدروجين (H2)، حيث يمكن التعبير عنها بالصورة (H–H). يُعتبر هذا النوع من الروابط أضعف من الروابط الثنائية والثلاثية، ولكن له استقرار أكبر.
الرابطة الثنائية (Double Bond)
تتكون الرابطة الثنائية من مشاركة كل ذرة بزوجين من إلكترونات التكافؤ، مما يعني أنها تتضمن أربعة إلكترونات. مثال على ذلك هو الرابطة الثنائية بين ذرات ثاني أكسيد الكربون (CO2)، والتي يمكن تمثيلها بالصورة (O=C=O). تعد هذه الرابطة أقوى من الرابطة الأحادية، لكنها أقل استقراراً.
الرابطة الثلاثية (Triple Bond)
تشكل الرابطة الثلاثية عندما تشارك كل ذرة بثلاثة أزواج من إلكترونات التكافؤ، أي ستة إلكترونات. مثال على ذلك هو الرابطة الثلاثية بين ذرات غاز النيتروجين (N2)، والتي يمكن تمثيلها بالصورة (N≡N). يعد هذا النوع من الروابط الأضعف من بين الأنواع الثلاثة الرئيسية للرابط التساهمية.
أنواع الروابط التساهمية من حيث القطبية
تنقسم الروابط التساهمية بحسب القطبية إلى نوعين:
- الروابط التساهمية القطبية: تتشكل هذه الروابط عندما لا تكون الإلكترونات الموجودة بين الذرات متساوية في المشاركة، أي أن كل ذرة لديها قدرة كهروسالبية مختلفة عن الأخرى. وبالتالي، تمتلك الذرات ذات الطاقة الكهروسالبة الأعلى قوة جذب أقوى للإلكترونات، مما يجعل الإلكترونات المشتركة أقرب لذرة ذات كهروسالبية أعلى. من الأمثلة عليها: الماء (H2O)، والأوزون (O3)، والكبريتيد (S2−).
- الروابط التساهمية غير القطبية: تتواجد هذه الروابط عندما تشارك الذرات إلكتروناتها بشكل متساوٍ، مما يعني أن جميع الذرات تملك نفس مستوى الطاقة الكهروسالبية لأنها تنتمي لنفس نوع العناصر. لذا، تلغي الكهروسالبية التأثيرات المتباينة، مما يجعل الذرات تتشارك بالتساوي. عادة ما تحدث هذه الروابط في جزيئات الغاز، ومن الأمثلة عليها ذرة غاز الهيدروجين (H2)، وذرات غاز النيتروجين (N2).
أنواع الروابط الكيميائية القوية
تتشكل الروابط الكيميائية القوية عن طريق انتقال الإلكترونات أو التجاذب الكهروستاتيكي بين الذرات، مما يؤدي في النهاية إلى تحقيق حالة الاستقرار للذرات. تكون هذه الحالة هي التي لا تحتاج فيها الذرات إلى التفاعل لوجود توازن داخلي لديها. تشكل الذرات فيما بينها أنواعاً متعددة من الروابط، ومن بينها الرابطة التساهمية المذكورة سابقاً، والأنواع الأخرى هي كما يأتي:
- الرابطة الأيونية: تحدث هذه الرابطة عندما تتخلى ذرة عن أحد إلكتروناتها إلى ذرة أخرى للوصول إلى استقرار إلكتروني لكلتيهما. تختلف خصائص الذرات في هذا النوع من التفاعل، حيث تتضمن الروابط الأيونية عادةً معدنًا وذرة غير فلزية. ومن أشهر الأمثلة على هذا النوع هو كلوريد الصوديوم، المعروف بملح الطعام.
- الرابطة المعدنية: تعتبر الرابطة المعدنية النوع الأساسي من الروابط الكيميائية التي تتكون بين ذرات المعادن، حيث تجمع هذه الروابط بين خصائص الروابط الأيونية والتساهمية. من الناحية الكيميائية، تميل المعادن إلى منح الإلكترون، حيث تتطلع إلى التخلي عن الإلكترونات لتحقيق الاستقرار (مبدأ الرابطة الأيونية)، ولكن نظراً لأن المعادن محاطة بذرات معدنية أخرى لا ترغب في قبول تلك الشحنة، تتجمع الإلكترونات معاً لفترة مما يؤدي إلى تشكيل رابطة تساهمية. تتمتع الروابط المعدنية بطاقة أقل مقارنة بالأنواع السابقة، مما يجعلها الأكثر استقراراً.