أنواع الصرع وعلاماته السريرية

يُعتبر الصرع من الاضطرابات العصبية التي يمكن أن تصيب الأفراد من جميع الفئات العمرية، حيث قد تتسبب هذه الحالة في نوبات نفسية غير متوقعة. وفي كثير من الأحيان، يظل الكثيرون غير مدركين للأنواع والأعراض المرتبطة بالصرع. لذا، ما هو الصرع؟ وما هي أنواعه وأعراضه وأسباب الإصابة به؟ وكيف يتم علاجه؟

الصرع كحالة نفسية

  • الصرع هو اضطراب نفسي يؤثر على الجهاز العصبي، وهو نتيجة نشاط كهربائي غير طبيعي في المخ، مما يؤدي إلى ظهور نوبات تتضمن سلوكيات أو حالات شعورية غير طبيعية، وقد تصل أحياناً إلى فقدان الوعي.
  • يعتقد العديد أن الصرع ينجم عن زيادة النشاط الكهربائي في المخ، إلا أن الصرع يمكن أيضاً أن ينتج عن اختلال في التواصل بين المراكز العصبية في المخ، مما يؤدي إلى أعراض مشابهة.
  • عادة ما تعود حالة الدماغ إلى وضعها الطبيعي بعد انتهاء نوبات التشنجات التي تُسببها الإشارات الكهربائية غير الطبيعية.
  • لا يقتصر صدور الصرع على عرق أو جنس أو عمر معين، حيث يمكن أن يصاب به كافة الأفراد رجالاً ونساء في أي مرحلة عمرية.

أنواع الصرع وأعراضه

  • تنقسم أنواع الصرع إلى ثلاث فئات رئيسية وهي: الصرع الجزئي البسيط، والصرع الكلي، والصرع الثانوي العام. تحت كل نوع من هذه الأنواع توجد تصنيفات فرعية مختلفة.
  • يتم تحديد نوع الصرع الذي يعاني منه الفرد من قبل الأطباء بناءً على نمط التشنجات وحسب الجزء من المخ المعني بالخلل.
  • تختلف أعراض الصرع بشكل ملحوظ من شخص لآخر، حيث قد تظهر بعض الأعراض بشكل بسيط في حين تُصبح أعراض أخرى شديدة، مما يؤدي إلى فقدان الوعي.
  • من الأعراض الشائعة للصرع تظهر بروز العينين وحداقهما في الفراغ، وبعض الأفراد تظهر عليهم تشنجات في الأطراف، بينما قد تحدث تشنجات عامة في الجسم تؤدي للفقدان المفاجئ للوعي.
  • العرض الرئيسي والأكثر انتشاراً هو تكرار نوبات التشنج نتيجة لخلل كهربائي مفاجئ في المخ، والذي يمكن أن يسبب تشوشاً في الذاكرة.
  • قد تكون بعض نوبات الصرع بسيطة وتستمر لفترات قصيرة، لكن إذا تكررت التشنجات مع وجود أعراض مصاحبة، يُنصح بسرعة استشارة طبيب نفسي.
  • بحسب الدراسات الحالية، فإن جميع أنواع الصرع غير معدية ولا تنتقل من شخص لآخر، لكنها تؤثر على وظائف المخ، بما في ذلك الوظائف الطبيعية للجسم التي يتحكم فيها الدماغ.

أنواع الصرع

قسم العلماء أنواع الصرع وفقاً للجزء المصاب في المخ إلى ثلاث فئات رئيسية على النحو التالي:

1- الصرع الجزئي

يحدث الصرع الجزئي بسبب اختلال النشاط الكهربائي في جزء محدد من المخ، وينقسم إلى نوعين:

الصرع الجزئي البسيط

يمكن أن يكون هذا النوع غير ملحوظ، حيث يظل الشخص المصاب مدركاً تماماً لما يدور حوله حتى في ذروة النوبة.

الصرع الجزئي المعقد

  • في هذا النوع، يكون وعي الفرد ضعيفاً وغير مدرك لمحيطه، وعادةً ما لا يتذكر حدوث النوبة.

2- الصرع الكلي

  • يُعتبر هذا النوع من أكثر أشكال الصرع خطورة، حيث يحدث اختلال في النشاط الكهربائي في جميع فصوص المخ، مما يؤدي إلى نوبة شديدة قد تؤدي إلى فقدان الوعي.
  • توجد أنواع فرعية مختلفة من الصرع الكلي، من أبرزها:

نوبات صرع التشنجات الارتجاجية

يُعد هذا النوع هو الأكثر شيوعاً، وكان يعرف سابقاً بالنوبة الكبرى، حيث يفقد الفرد الوعي مع تصلب الجسم وتشنجات.

نوبات صرع الغياب

تُعرف أيضاً بالنوبات الصغيرة، حيث يغيب الشخص لفترة قصيرة مع بروز عينيه وحداقهما في الفراغ، ويستجيب هذا النوع للعلاج بشكل جيد.

نوبات صرع التشنج

تحدث نوبة من التشنجات تجعل الجسم يتصلب ويؤدي إلى فقدان الاتزان بشكل مفاجئ، وقد يحدث فقدان للوعي لفترات قصيرة.

نوبات صرع الاختلاجي

يؤدي هذا النوع إلى فقدان القوة العضلية مما يُسفر عن فقدان الاتزان وسقوط الشخص.

نوبات الصرع الارتجاجية

  • يتعرض المصاب لاهتزاز في الوجه أو أحد الأطراف، وهناك نوع آخر يُعرف بالتشنجات القوية في الجزء العلوي من الجسم أو في الساقين.

3- نوبات الصرع الثانوية العامة

النوع الثالث هو نوبات الصرع الثانوية العامة، حيث تبدأ كنوبات جزئية، لكن مع تقدم الحالة تمتد لتصبح نوبات عامة تؤدي إلى فقدان الوعي.

أعراض الصرع

تحديد أعراض الصرع يعد خطوة هامة لفهم نوع الحالة ومعالجتها بشكل مناسب من قبل الطبيب. تختلف الأعراض من شخص لآخر، ومن أبرزها:

  • تشنجات عضلية قوية مع غياب الحمى.
  • تشوش الذاكرة، خصوصاً خلال النوبات.
  • فقدان الوعي لفترات متفاوتة بشكل متكرر.
  • فقدان السيطرة على العضلات التي تتحكم في الأمعاء والمثانة أثناء النوبات.
  • انخفاض محاولات التركيز والإدراك عند السؤال.
  • تصلب مفاجئ في الجسم أو في أحد أجزائه دون سبب واضح.
  • فقدان الاتزان بشكل مفاجئ مما يؤدي إلى السقوط.
  • حركات رموش متكررة دون سبب واضح.
  • نوبات مضغ متكررة بدون مبرر.
  • لحظات من الذهول المؤقت وفقدان القدرة على التواصل.
  • حركات لا إرادية مفاجئة ومتكررة.
  • نوبات من القلق والغضب.
  • تغيرات واضحة في الحواس مثل اللمس والسمع.
  • اهتزازات متكررة في الجسم أو الأطراف.

أعراض الصرع عند الأطفال

يمكن أن يصاب الأطفال بنوبات الصرع بعد بلوغ عامين، أو حتى حديثي الولادة بسبب نقص العناصر الغذائية أو الأكسجين. ومن أبرز الأعراض عند الأطفال:

  • تحديق مستمر ومتكرر.
  • عض للشفتين.
  • حركات رفرفة للجفون.
  • نوبات مضغ متكررة بدون سبب.
  • تشنجات بسيطة في الذراعين أو الساقين.
  • تشوش طفيف في الذاكرة خلال النوبات.
  • صداع خفيف مع بعض الهلوسات.
  • في الحالات الشديدة، قد يحدث فقدان وعي مفاجئ.

أسباب الصرع

قُدّمت العديد من الأبحاث لمعرفة أسباب الإصابة بالصرع، لكن لم يُشخص بشكل قاطع. ومع ذلك، يُعتقد أن نشاط كهربائي زائد أو خلل في التواصل بين أنظمة المخ يؤدي إلى حالات الصرع. ومن الأسباب المحتملة:

  • إصابات الرأس الناتجة عن حوادث أو سقوط.
  • العوامل الوراثية، حيث يزداد احتمال الإصابة إذا كان هناك تاريخ عائلي للإصابة بالصرع.
  • أمراض نفسية وعصبية.
  • الأمراض المتعلقة بالمخ مثل السكتات الدماغية والأورام.
  • بعض الأمراض المعدية مثل التهاب الدماغ.
  • تلف المخ قبل الولادة.
  • اضطرابات النمو مثل التوحد.
  • تشير بعض الدراسات إلى تأثير فيروس نقص المناعة (الإيدز) في زيادة احتمال الإصابة بالصرع.

علاج الصرع

بينما لا يوجد علاج نهائي للصرع، يمكن تقليل نوبات الصرع عبر التحكم بالمحفزات. تشمل أساليب العلاج المتبعة ما يلي:

1- الأدوية

  • تُعتبر الأدوية الوسيلة الشائعة للعلاج، حيث تُظهر الدراسات أن 60-70% من المصابين بالصرع يستفيدون من الأدوية.
  • توجد أدوية متعددة، ويُحدد الطبيب الخيار الأنسب وفقاً لنوع الصرع.
  • تستجيب أجسام الأفراد بشكل مختلف للعلاج، لذا يُفضل استشارة الطبيب قبل اتخاذ أي قرار حول نوع الدواء.

2- التدخل الجراحي

  • يتطلب العلاج الجراحي تعدد المحاولات العلاجية الأخرى قبل اتخاذ القرار بهذا العلاج.
  • بعد الجراحة، يُنصح بالاستمرار في تناول الأدوية المضادة للنوبات، فالجراحة ليست حلاً نهائياً.
  • تشير الدراسات إلى أن 62% من البالغين و50% من الأطفال لم يواجهوا نوبات صرع لمدة 7 سنوات بعد الجراحة.
  • تُجرى العمليات في أحد الأماكن التالية:
    • استئصال بالفص: إزالة جزء من أحد الفصوص التي تُسبب النوبات، وهي من أقدم الجراحات.
    • قطع الروابط العصبية: قطع الروابط المسؤولة عن الاتصال بين فصوص المخ للحد من انتشار النوبات.
    • استئصال قشرة المخ: في الحالات الطارئة، يتم استئصال جزء من القشرة لتقليل تكرار النوبات.

3- العلاج الغذائي

  • اتباع نظام غذائي صحي قد يلعب دوراً في تقليل نوبات الصرع.
  • أثبتت دراسة أن الأطعمة الغنية بالدهون والفقيرة بالكربوهيدرات تساعد في التقليل من النوبات.
  • نظام أتكينز الغذائي، الذي يعتمد على البروتين، وجد أنه يقلل من النوبات بنسبة 50% لدى من يتبعونه.

الوقاية من الصرع

وفقًا لمنظمة الصحة العالمية، هناك خطوات يمكن اتخاذها للحد من احتمالات الإصابة بالصرع، مثل:

  • ارتداء خوذات عند ركوب الدراجات للوقاية من إصابات الرأس.
  • العناية بصحة الأم والمولود لتفادي الصعوبات الصحية.
  • إدارة الأمراض المزمنة مثل السكتات والقلبيات.
  • ممارسة الرياضة بانتظام، حيث ثبت أنها تقلل من نوبات الصرع.

هل يُعتبر مرض الصرع مميتاً؟

  • قد تكون نوبات الصرع فجائية، وفي بعض الأحيان شديدة لدرجة فقدان التوازن مما يزيد من خطر السقوط.
  • في حالات نادرة، قد تؤدي نوبات الصرع إلى الوفاة، لكن هذه الحالات قليلة.
  • تستطيع نوبات الصرع الشديدة أن تتسبب في فقدان الوعي لفترات طويلة، مما يؤدي إلى مشاكل في التنفس ووظائف القلب.