الطّيور الزّاجلة
تُعدّ الطّيور الزّاجلة واحدة من أكثر أنواع الحمام ذكاءً وجمالاً، حيث تُظهر ارتباطاً عميقاً بمكان نشأتها. رغم المسافات الكبيرة التي قد تقطعها، إلا أنها تعود دائماً إلى موطنها الذي وُلدت ونشأت فيه. تُعتبر هذه السلالة من الحمام من بين الأفضل على الإطلاق، وقد استُخدمت تاريخياً كوسيلة فعالة للتواصل، حيث تم تدريبها لأغراض عسكرية واقتصادية وتجارية.
كان يتم ربط رسالة صغيرة على عنق كل طائر، تتضمن شفرة خاصة تستخدم لنقل المعلومات. كُتبت هذه الرسائل بواسطة قلم خاص يُعرف بالغبار، وتم استخدام أوراق رقيقة جداً لكتابتها، حيث كانت تُلف وتوضع في قارورة صغيرة مصنوعة من ورق الذهب الخالص، مما يساعد على الحفاظ على توازن الطائر الزاجل.
كانت مهمة الطّيور الزاجلة تتمثل في أداء دور البريد، حيث تعود إلى موطنها الأصلي دون الحاجة إلى دليل، متبعةً قدرتها الفطرية المميزة في استخدام المجال المغناطيسي لتحديد اتجاهاتها. تُعرف هذه الطيور بأنها تستطيع الطيران لمسافات طويلة، وتُلقب بأنواع متعددة مثل حامل الرسائل، والقماري، والدباس، والورقاء، والوراش، والكارير.
حظيت الطيور الزاجلة باهتمام واسع من العرب، الذين اهتموا بتربية أنواعها وسلالاتها والأمراض التي قد تصيبها. وقد قاموا بتدوين كتب متخصصة توضح تفاصيل العناية بها، وحددوا متخصصين في تربية الطيور. كما قاموا بتحسين نسلها، وكان كل طائر يُباع بأسعار مرتفعة، وقد تغنّى بها الشعراء في قصائدهم حيث رمزوا بها للسلام والحب والوفاء.
أنواع الطّيور الزّاجلة
تُعتبر غالبية الطيور الزاجلة هجينة، وهي نتاج تزاوج بين الحمام البري والجبلي، وتتميز بتنوع سلالاتها. من بين الأنواع الشهيرة:
- الطير القلاب: يُعرف بقدرته الفائقة على القيام بحركات الـ(شقلبة)، له أصول تركية ويتميز بقوة بدنية ولياقة عالية. يمكنه قطع مسافات شاسعة في زمن يصل إلى خمس ساعات متتالية.
- الطير الباكستاني: يُعتبر من أعتى الطيور الزاجلة، يمتلك قدرة كبيرة على قطع المسافات لفترات تصل إلى عشر ساعات.
- الطير الهندي: تعيش سلالته في أمريكا، ونجحت جهود الحفاظ على آخر أفرادها من خلال وضعهم في محمية للحفاظ عليها. يُعرف أيضاً باسم الطيور المروحية، لامتلاكه ذيلاً يشبه المروحية الدوارة.
- الطير الكينج: هو هجين بين سلالتي الرنت وحمام الملطي، حيث تم تهجينه لفترات طويلة ليكتسب قوة وقدرة على الطيران لمسافات بعيدة.
- الطير البلجيكي: يتمتع بقوة عضلية كبيرة ويستطيع التكيف مع الظروف القاسية. يُعرف بخفته ورشاقته، وينتمي لسلالة باركر، وقد استخدم في نقل الشيفرات المتعلقة بالأسعار في الأسواق المالية.
- طير الدّرجوان: يُعتبر من أسلاف الطيور الزاجلة وأحد أقدمها، ينتمي إلى السلالات الإنجليزية المهجنة ويعني اسمه “التنين” بالعربية. يتميز بجمال مظهره وعبقريته في الاعتناء بنفسه.
يوجد العديد من الطيور الأخرى من سلالات أجنبية تم تهجينها مع سلالات عربية، مثل الطير الفرنسي الذي له أصول عراقية، والطير الإنجليزي الذي ينحدر من الأصول الشامية.