مفهوم العدل
يشير مفهوم العدل إلى إعطاء كل ذي حق حقه، سواء كان ذلك خيرًا أو شرًا، مع الحرص على عدم التمييز بين المستحقين. لقد أقر الإسلام بالعظمة العظمى للعدل وجعله أحد الأسباب الأساسية لبعثة الرسل، إذ قال الله -تعالى-: (لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ). ويُعتبر القسط تعبيرًا عن العدالة، حيث يعد الأساس الذي قامت عليه السماوات والأرض، وهو الميزان الذي يضمن أن يحصل كل ذي حق على حقه.
أنواع العدل في الإسلام
تتعدد أقسام العدل وأنواعه اعتماداً على معايير وظروف مختلفة، وفيما يلي بيان ذلك.
باعتبار الزمان والمكان
ينقسم العدل وفقًا للزمان والمكان إلى الفئات التالية:
- العدالة في الدنيا؛ تشمل جميع المخلوقات على ظهر الأرض منذ خلق الله لآدم -عليه السلام- وحتى قيام الساعة. وقد حقق الله هذا العدل من خلال إرسال الرسل بشكل متواصل لإقامة العدل وإنهاء الظلم.
- العدالة في الآخرة؛ حيث يُنفذها الله -سبحانه وتعالى- يوم القيامة، فالمظلومون يُجزون عن مظلوميتهم ويُثاب العادلون، كما قال الله -تعالى-: (وَنَضَعُ المَوازينَ القِسطَ لِيَومِ القِيامَةِ فَلا تُظلَمُ نَفسٌ شَيئًا وَإِن كانَ مِثقالَ حَبَّةٍ مِن خَردَلٍ أَتَينا بِها وَكَفى بِنا حاسِبينَ).
باعتبار العموم والشمول
في هذا السياق، تشمل العدالة المخلوقات كافة، بما في ذلك الإنسان والحيوان، كما يلي:
- الإنسان؛ حيث يُلزم العدل الإنسان بتطبيقه، سواء كان ذلك مع نفسه أو مع الآخرين، بغض النظر عن قربهم أو بعدهم، أو طبيعة علاقتهم.
- الحيوان؛ فالعدل يتطلب العناية بالحيوانات، بما في ذلك إطعامها وسقيها، وتجنب تحميلها أعباء لا تستطيع تحملها.
- سائر المخلوقات؛ من خلال حركتها في الكون وفق نظام الله، مثل الشمس والقمر، والليل والنهار، والنجوم والكواكب. قال -تعالى-: (وَالشَّمْسُ تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍّ لَّهَا ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ).
باعتبار حال الإنسان مع غيره
ينقسم العدل بالنظر إلى العلاقة بين الإنسان وغيرهم إلى الفئات التالية:
- عدل الإنسان تجاه من هو دونه، مثل العلاقة بين الحاكم والمحكوم، حيث يجب على السلطان أن يعدل بين أفراد رعيته.
- عدل الإنسان تجاه من هو أعلى منه، مثل واجب الرعية تجاه السلطان عبر الطاعة والولاء.
- عدل الإنسان مع من هو مساوٍ له.
آثار الالتزام بالعدل
للعدل تأثيرات وفوائد تعود بالنفع على الفرد والمجتمع في الدنيا والآخرة، ومن هذه الأثر ما يلي:
- العدل هو الأساس الذي تستقيم عليه السماوات والأرض، ويضمن حق المظلومين في استعادة حقوقهم.
- نيل محبة الله -سبحانه وتعالى-، كما ورد في قوله -تعالى-: (وَأَقْسِطُوا إِنَّ اللَّـهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ).
- تعزيز الألفة والمحبة بين الحاكم والمحكوم.
- العدل هو القاعدة التي تستند عليها أنظمة الحكم والدول.
- تعزيز الأمن في المجتمعات من خلال نشر المحبة والتعاون بين أفراد المجتمع، مما يساهم في بناء مجتمع متماسك.
- تحقيق الطمأنينة في القلوب.
- فتح قلوب غير المسلمين للإسلام، مما قد يساهم في دخولهم فيه.