أنواع الأخوة في الإسلام
تعتبر الأخوة رابطًا قويًا يتميز بالديمومة، وتنشأ لأسباب متعددة تشمل النسب والدين والعرق والوطن، وغيرها من الاعتبارات. تنقسم الأخوة في الإسلام وفق الشريعة الإسلامية إلى ثلاثة أنواع، كما يلي:
أولًا: أخوة النسب والقرابة
تعتبر هذه الأخوة ضرورية للإنسان منذ لحظة ولادته، كما ورد في قوله تعالى: {وَلِأَبَوَيْهِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ مِمَّا تَرَكَ إِنْ كَانَ لَهُ وَلَدٌ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَلَدٌ وَوَرِثَهُ أَبَوَاهُ فَلِأُمِّهِ الثُّلُثُ فَإِنْ كَانَ لَهُ إِخْوَةٌ فَلِأُمِّهِ السُّدُسُ}. وترتبط بأخوة النسب عدة أحكام تتعلق بالتحريم والميراث والرضاعة وغيرها.
ثانيًا: الأخوة في الأصل والإنسانية
كما جاء في قوله تعالى: {وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلًا}، وفي قوله: {يا أيها النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا}. هذه الأخوة تشمل جميع بني آدم بغض النظر عن اختلاف أديانهم وألوانهم وأعراقهم، وهي ما يُعرف بأخوة بني آدم.
ثالثًا: الأخوة في العقيدة والإيمان
قال تعالى: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ}، وقال أيضًا: {فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا}. هذه الأخوة تعكس الروابط الدينية والإيمانية، إذ تدل العديد من الأحاديث والآيات القرآنية على أهميتها. فقد قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (لا تَحاسَدُوا، ولا تَناجَشُوا، ولا تَباغَضُوا، ولا تَدابَرُوا، ولا يَبِعْ بَعْضُكُمْ علَى بَيْعِ بَعْضٍ، وكُونُوا عِبادَ اللهِ إخْوانًا. المسلمُ أخُو المسلمِ، لا يَظْلِمُهُ، ولا يَخْذُلُهُ، ولا يَحْقِرُهُ). قد أشار أيضًا إلى قلب المؤمن ودوره في قياس التقوى. وبنى الإسلام على هذه الأخوة لكونها شبكة متينة من الإيمان تعزز تماسك المسلمين في الأوقات الصعبة، خاصةً في ظل ضعف روابط النسب والإنسانية نتيجة اختلاف الدين والأعراق.
آداب الأخوة في الإسلام
تتطلب الأخوة الإسلامية بعض الآداب التي ينبغي مراعاتها وتحليتها، ومن ضمنها ما يلي:
التحلي بالأخلاق النبيلة
يجب أن يكون المسلم ودودًا في تعامله، ويعبر عن لطفه من خلال حسن الكلام والتصرفات. فالنبي -صلى الله عليه وسلم- قال: (اتَّقِ اللَّهِ حيثُ ما كنتَ، وأتبعِ السَّيِّئةَ الحسنةَ تمحُها، وخالقِ النَّاسَ بخلقٍ حسنٍ).
اختيار الأصحاب بعناية
من الضروري أن يختار المسلم الصحبة التي تساعده في دينه ودنياه، ويجب تجنب الصحبة السيئة، حيث يُقال إن المرء يُحشر مع من أحب. وقد قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (الرَّجلُ على دِينِ خليلِه، فلْينظُرْ أحدُكم مَن يُخالِلْ).
تلبية احتياجات الإخوان والأصدقاء
لقد أكد النبي -صلى الله عليه وسلم- على أهمية التعاون قائلاً: (مَن نَفَّسَ عن مُؤْمِنٍ كُرْبَةً مِن كُرَبِ الدُّنْيَا، نَفَّسَ اللَّهُ عنْه كُرْبَةً مِن كُرَبِ يَومِ القِيَامَةِ، وَمَن يَسَّرَ علَى مُعْسِرٍ، يَسَّرَ اللَّهُ عليه في الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ، وَمَن سَتَرَ مُسْلِمًا، سَتَرَهُ اللَّهُ في الدُّنْيا وَالآخِرَةِ، وَاللَّهُ في عَوْنِ العَبْدِ ما كانَ العَبْدُ في عَوْنِ أَخِيهِ).