أنواع العوائق المعرفية التي تعيق الفهم والتعلم

ما هي الإبستمولوجيا؟

الإبستمولوجيا، في لغتها الأصلية، تتكون من كلمتين تعودان إلى أصل يوناني؛ الكلمة الأولى “الإبستيمي Episteme” التي تعني علم، والثانية “لوغوس logos” التي تعني نظرية. وبالتالي، يمكن تعريف الإبستمولوجيا بأنها نظرية المعرفة في مجال العلوم.

أما الاصطلاح، فالإبستمولوجيا تشير إلى فلسفة العلم؛ حيث تتناول دراسة المعرفة بشكل مفصل، وبعرض شامل ضمن مختلف العلوم والأهداف، متجاوزةً الدراسة الأحادية للفكر، أي أنها تهتم بمبادئ العلوم وفرضياتها من خلال تحليل نقدي يهدف إلى إعادة بناء العلم وتسليط الضوء على قيمته الموضوعية.

أحد أبرز الفلاسفة الذين تعمقوا في موضوع الإبستمولوجيا هو غاستون باشلار، الذي قدم توضيحاً لمفهوم الإبستمولوجيا وقضية القطيعة الإبستمولوجية، بالإضافة إلى التحديات التي تواجه الإبستمولوجيا كأداة للمعرفة، وضرورة التفريق بين الذات والموضوع.

أنواع العوائق الإبستمولوجية

تشير العوائق الإبستمولوجية إلى جميع المظاهر التي تعيق تقدم العلم، والتي تظهر في تاريخ المعرفة العلمية بشكل عام. هذه العوائق متأصلة في عملية المعرفة نفسها، وتنقسم إلى عدة أنواع كما يلي:

إضفاء الطابع الذاتي على التجربة

العائق المرتبط بالتجربة يظهر عندما يحدث تداخل بين الذات والموضوع في المعرفة العلمية، حيث يمكن أن يؤدي التأثير الشخصي إلى تعطيل التفسير العقلاني. في هذه الحالة، تصبح الذات بمثابة عائق إبستمولوجي، مما يؤدي إلى الحصول على معرفة غير دقيقة.

التعميم السريع

التعميم السريع هو تلك العملية التي تعتمد على استنتاجات شخصية دون إجراء تجارب كافية. هذا النوع من التعميم يمكن أن يصبح عائقاً معرفياً يؤدي إلى نتائج متسرعة وغير صحيحة. على الرغم من أن التعميم يلعب دوراً مهماً في تقدم العلوم من خلال الاستقراء، إلا أن التعميم غير المدروس يعتبر عائقاً كبيراً يعيق التوصل إلى نتائج دقيقة.

المماثلات الخاطئة

تشير المماثلات الخاطئة إلى تلك المقارنات المبنية على دراسة ظاهرة علمية معينة استنادًا إلى ظاهرة سابقة، رغم وجود اختلافات جوهرية بين الظاهرتين. هذه المماثلات تؤدي غالبًا إلى نتائج غير منطقية ولا تدعم المعرفة العلمية.

العائق الجوهري

يمثل العائق الجوهري الاعتقاد بأن هناك جوانب خفية في الظاهرة قيد البحث، مما يستدعي من الباحث أن يبذل المزيد من الجهد لاكتشاف ما هو مخفي. ومن الضروري تجاوز هذا العائق؛ لأن الخيال قد يسهم في الفهم، لكن الإفراط في التفكير في الجوانب المخفية يمكن أن يعوق الوصول إلى نتائج موضوعية.

العائق الإحيائي

العائق الإحيائي يعني تمدد المعارف البيولوجية إلى مجالات غير مجالها الأساسي، مما يؤدي إلى تصادم بين ميادين العلم والمعرفة البيولوجية. يسعى الباحث في هذه الحالة إلى تقديم تفسير للظاهرة، لكن هذا الخلط يمكن أن يؤدي إلى تفسيرات خاطئة نظرًا للاختلاف بين الجانبين.

يقدم باشلار مثالاً حول مناقشات علماء القرن الثامن عشر حول الممالك الثلاث للطبيعة: النباتية، الحيوانية، والمعدنية. تكشف مناقشاتهم عن مدى الخلط الذي ساهم في صعوبة فهم هذه الظواهر وتفسيرها. وبالتالي، فإن تأثير المعرفة البيولوجية على فهم الظواهر الفيزيائية، مثل الظواهر الكهربائية والمغناطيسية، قد حال دون الفهم الموضوعي لها، مما عوق اكتشاف القوانين الخاصة بها.