أنواع القتل في الفقه الإسلامي
ينقسم القتل في الفقه الإسلامي إلى ثلاث فئات رئيسية بناءً على توافر النية لقتل المجني عليه. وتشمل هذه الأنواع: القتل العمد، القتل شبه العمد، والقتل الخطأ. لكل من هذه الفئات أحكامها ومفاهيمها الخاصة، وسنستعرضها فيما يلي:
القتل العمد
يتحقق القتل العمد عند وجود نية القاتل لقتل المجني عليه، وعادة ما يتطلب ذلك استخدام أداة قاتلة. ولإعتبار القتل فعلاً عمدياً، يجب توافر شرطين رئيسيين:
- نية الفاعل في قتل المجني عليه.
إذا أطلق شخص ما رصاصة كان يقصد بها صيد طائر وأصابت إنساناً بطريق الخطأ، فلا يعد ذلك قتيلاً عمدياً.
- استخدام أداة تقتل عادة.
في حال قام شخص بضرب آخر بحجر صغير أو عصا خفيفة – غير قاتلة – resulting in الموت، فلن يعتبر ذلك قتلاً عمدياً.
تباينت آراء الفقهاء حول وجوب الكفارة في حالات القتل العمد، وتتلخص كالتالي:
- يرى معظم الفقهاء أنه لا تجب الكفارة في حالة القتل العمد.
- بينما أفتى كل من الإمام الشافعي والإمام أحمد، في رواية له، بوجوب الكفارة في القتل العمد.
القتل شبه العمد
القتل شبه العمد يحدث عندما يكون لدى الفاعل نية لإلحاق الضرر، دون إرادة قتل المجني عليه. غالباً ما يتم ذلك باستخدام أدوات لا تُعتبر قاتلة في العادة، مثل السوط أو الحجر الصغير.
وفقًا لذلك، فإن كل قتل يتم بواسطة أداة غير قاتلة هو شبه عمد، وغالبًا ما تُسميه الفقهاء بالعمد الخطأ أو خطأ العمد، نظراً لوجود الأمرين:
- العمد: بنية إلحاق الضرر.
- الخطأ: بوقوع القتل دون نية لذلك.
آراء الفقهاء حول وجوب الكفارة في حالات القتل شبه العمد تتضمن ما يلي:
- معظم الفقهاء يرون أن الكفارة واجبة في القتل شبه العمد.
- بينما ذهب الحنفية في قولٍ، والأحمدية في رواية، إلى عدم وجوب الكفارة في هذا النوع.
القتل الخطأ
يُعتبر القتل الخطأ وقوع الحادث بشكل غير متعمد، حيث لم يكن لدى الفاعل أي نية لقتل المجني عليه أو لإلحاق الأذى به. على سبيل المثال، إذا أطلق شخص سهماً كان يقصد به صيد طائر فأصاب إنساناً عن غير قصد.
اتفق الفقهاء على وجوب الكفارة في هذه الحالة، مستندين إلى قول الله تعالى: (وَمَن قَتَلَ مُؤْمِنًا خَطَأً فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُّؤْمِنَةٍ وَدِيَةٌ مُّسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ إِلَّا أَن يَصَّدَّقُوا).
كما أضاف الحنفية نوعين آخرين لتصنيف القتل، وهما:
- ما جرى مجرى الخطأ.
- القتل بالتسبب.
ما جرى مجرى الخطأ
يرى الحنفية أن هذا النوع من القتل يمكن أن يحدث عندما يقوم الشخص النائم بالانقلاب على شخص آخر أو عندما يقع القتل بفعل الصبي أو المجنون. أما عن الحكم الشرعي، فهو يعتبر شبيهاً بحكم الخطأ، لكنه أقل تأثيرًا من الخطأ الحقيقي. إذ إن النائم أو الصبي أو المجنون لا يملكون نية، لذا تُضاف أحكامهم إلى القتل الخطأ.
كما أوجب الحنفية الكفارة في هذا النوع من القتل، نظراً لأن ترك النائم للحرص على عدم النوم في أماكن قد تؤدي للقتل يتسبب به، ويعتبر ذلك موجبًا للكفارة. وقد اعتبر جمهور المالكية والشافعية وأغلب الحنابلة هذا النوع من القتل من صور القتل الخطأ.
القتل بالتسبب
القتل بالتسبب يُعرف بأنه الفعل الذي يؤدي إلى القتل عبر وسيلة غير مباشرة، مثل حفر بئر، أو إشعال نار، أو ترك حجر في مكان بحيث يؤدي إلى موت شخص آخر.
في هذه الحالة، يختلف القتل بالتسبب عن شبه العمد، إذ أن الأخير يتطلب مباشرة من الجاني لفعل يؤدي إلى القتل، بينما القتل بالتسبب يفتقر إلى المباشرة.
آراء المذاهب الأخرى حول الإضافات الحنفية
المالكية يرون أن القتل لا يتعدى نوعين، العمد والخطأ، مستندين إلى أنه لم يرد في القرآن سواهما. بينما الشافعية لا يرون في إضافات الحنفية إذ أنهم يعتبرون القتل ينقسم إلى الأنواع الثلاثة السابقة دون زيادة.
بينما الحنابلة يدمجون ما أضافه الحنفية من القتل بالتسبب وما جرى مجرى الخطأ تحت تصنيف واحد، وهو ما جرى مجرى الخطأ. لذا، يتسم تصنيفهم للقتل بالأربعة الأنواع التالية:
- القتل العمد.
- شبه العمد.
- القتل الخطأ.
- ما جرى مجرى الخطأ.
الحالات التي يُشرع فيها القتل
لقد حرم الله سبحانه وتعالى قتل النفس بغير حق، حيث قال تعالى: (وَلا تَقتُلُوا النَّفسَ الَّتي حَرَّمَ اللَّـهُ إِلّا بِالحَقِّ)، مما يعني أن القتل محرم إذا كان من قبيل الظلم والاعتداء، بينما القتل المشروع هو ما يُعتبر جائزاً.
لذا، تنقسم القتل من حيث حكمه إلى مجموعتين: القتل المحرم والقتل المشروع، ونستعرض كالتالي:
- القتل المحرّم
هو قتل إنسان معصوم الدم دون قضاء شرعي، والذي يكون اعتداءً غير مبرر. ويجب توضيح أن عصمة الدم تكون بالإيمان أو الأمان.
- القتل المشروع
هو ما يُسمح به شرعاً، مثل قتل الزاني المحصن، والعدو، والمُرتد، وقاطع الطريق، ومن يهدد المسلمين بالسلاح، وكذلك حالة القصاص أو الدفاع عن النفس.
وقد أشار الله سبحانه وتعالى إلى هذا الإذن في القتل كحق للإمام، وليس لأفراد الناس، مشدداً على أهمية حماية محارم الله وصيانة حقوق الآخرين. وقد ذكر الرسول صلى الله عليه وسلم: (لا يَحِلُّ دَمُ امْرِئٍ مُسْلِمٍ، يَشْهَدُ أنْ لا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وأَنِّي رَسولُ اللهِ، إلَّا بإحْدَى ثَلاثٍ: الثَّيِّبُ الزَّانِي، والنَّفْسُ بالنَّفْسِ، والتَّارِكُ لِدِينِهِ المُفارِقُ لِلْجَماعَةِ).