أنواع المعنى في علم الدلالة
المعنى يُعبر عن الصورة الذهنية الخاصة بشيء معين، أو بصيغة أخرى، عن العلاقة بين الرمز والصورة المتجسدة، أي بين الرمز والشيء المدلول عليه، بالإضافة إلى تلك العلاقة القائمة بين السياق واستجابة المتلقي لمثير معين، وكذلك بين اللفظ ودلالاته المختلفة. كل ذلك يدل على أن المعنى يعكس علاقة الكلمة بالكلمات الأخرى ضمن النص، مما يعرف بالحقل الدلالي، والذي يشمل دلالات متداخلة ومتبادلة.
ولقد عُرفت أنواع متعددة من المعنى في علم الدلالة، نورد منها ما يلي:
المعنى الأساسي
يطلق عليه أيضًا المعنى الدلالي أو المركزي، وهو المعنى المفهومي المترتب على الوحدة المعجمية. يمثل هذا المعنى جوهر عملية الاتصال اللغوي، ويعكس الوظيفة الأساسية للغة في تعزيز التفاهم، نقل الأفكار، وتحقيق التواصل. يتميز المعنى الأساسي بتعقيد تنظيمه، الذي يمكن مقارنته بالتنظيمات المشابهة في مجالات الصوت والنحو. ويعد الفهم المشترك للمعنى الأساسي شرطًا أساسياً لتواصل المتحدثين باللغة.
المعنى الإضافي
ويعرف كذلك بالمعنى العرضي أو الثانوي، وهو يتجاوز المعنى التصويري الأساسي. هذا المعنى زائد عن المعنى المركزي ويتغير حسب الزمن والثقافة والتجارب الفردية. على سبيل المثال، كلمة “امرأة” ترتبط بعدة سمات (شخص، أنثى، بالغ) إلا أن لها معانٍ إضافية متعددة مثل (الثرثرة، الطبخ، الملابس، البكاء)، ولا يُشترط أن يتفق المتحدثون على المعنى الإضافي.
المعنى الأسلوبي
يعبر عن معاني الكلمات بالنسبة للسياقات الاجتماعية والمناطق الجغرافية لمستخدميها. كما يشمل التخصص ودرجة العلاقة بين المتحدث والمستمع، وكذلك رتبة اللغة المستخدمة (أدبية، رسمية، عامية) ونوع اللغة (شعر، نثر، قانون). يتجلى ذلك في كلمات تعكس معنى الأبوة وتفصح عن مكانة المتحدث، مثل “الوالد” في اللغة الفصحى و”داد” في لغة الأرستقراطيين.
المعنى النفسي
يسمى أيضًا بالمعنى العاطفي، وهو يشير إلى الدلالات الذاتية المترتبة على اللفظ لدى الفرد. يتميز بوصفه معنى فرديًا ومقيدًا بشخص واحد، ولذلك لا يتمتع بعمومية أو استخدام واسع بين الناس. يظهر هذا النوع من المعنى بصورة واضحة في الأحاديث اليومية والأشعار وكتابات الأدباء، حيث تعكس المعاني النفسية الفردية بشكل بارز تجاه المفاهيم المختلفة.
المعنى الإيحائي
يتعلق بمعاني الكلمات القادرة على الإيحاء، والتي تتسم بالشفافية. ويتضمن تأثير المعنى الإيحائي ثلاثة أشكال كالتالي:
- التأثير الصوتي: تأثير مباشر يرتبط بمدلول الكلمة على أصوات معينة تتماشى مع التركيب الصوتي للاسم، مثل “صليل” (السيوف) و”خرير” (الماء)، وكذلك التأثير غير المباشر مثل القيمة الرمزية للكسرة.
- التأثير الصرفي: يتعلق بالكلمات المركبة والمختزلة مثل “صهصلق” (من صهل وصلق) و”بحتر” (من بتر وحتر).
- التأثير الدلالي: يرتبط بالكلمات المجازية والصور الكلامية التعبيرية، حيث يظهر معنى إضافي عند تعدد المعاني الأساسية، مما يترك أثرًا إيحائيًا على المعنى الآخر. ويتجلى ذلك بشكل كبير في الدلالات غير المرغوب فيها مثل المصطلحات المرتبطة بالجنس أو الموت أو أماكن قضاء الحاجة.
أهمية علم الدلالة في دراسة اللغة
يمثل علم الدلالة أهمية كبيرة عند دراسة النصوص، ومن أبرز نقاط هذه الأهمية ما يلي:
- يساهم في فهم طبيعة اللغة من خلال دراسة المعنى، مما يلعب دورًا crucial في التحليل اللغوي وتطبيقات علم اللغة.
- يدل على الدور الحيوي للمعنى من خلال العلاقة بين الألفاظ وتفكير الأفراد، وله دور كبير في العلوم الإنسانية مثل علم النفس وعلم الاجتماع والفلسفة.
- يعتبر علم الدلالة أحد العناصر الأساسية، لذا من الضروري أن يتناوله الباحثون في دراسات الألفاظ ومعانيها.
- تشير دلالات الألفاظ إلى جوانب حياتية متعددة، فضلاً عن دورها في التواصل بين الأفراد، إذ إن أي خلل في فهم الدلالة يمكن أن يؤدي إلى سوء الفهم في التواصل.
- تُظهر دراسة علم الدلالة أن اللفظ يمثل الجسد بينما تُعتبر الدلالة روحه، فلا معنى دون لفظ، ولا لفظ بدون دلالة؛ تعبر الكلمة عن معناها، وهنا يكمن جوهر علم الدلالة في فهم المعنى المقصود، والمعرفة بروح اللفظ.