أنواع السَّجْع
تم تقسيم السَّجَع من قِبل البلاغيين بناءً على كلٍ من الوزن العروضي وطول الجملة التي تتضمن ألفاظ السَّجْع. إليكم تفصيلًا لذلك:
أقسام السَّجْع بحسب الوزن العَروضي
وفقا للبلاغيين، ينقسم السَّجْع -من حيث الوزن العَروضي- إلى أربعة أنواع، مرتبة من الأعلى إلى الأقل منزلة كما يلي:
- السَّجْع المُرصَّع: هو السَّجْع الذي تكون فيه الألفاظ في فقرتين أو أكثر متوافقة في الوزن العَروضي والقافية. ومن الأمثلة على ذلك:
أمثلة على السَّجْع المُرصَّع |
الجُملة |
التّوضيح |
قال تعالى: (إِنَّ إِلَيْنَآ إِيَابَهُمْ*ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا حِسَابَهُمْ). |
السَّجْع المُرصَّع بين: (إِلَيْنَآ-عَلَيْنَا/إِيَابَهُمْ-حِسَابَهُمْ). |
قول الهمذاني: “إنَّ بعدَ الكدرِ صفْواً، وبعدَ المطرِ صحْواً”. |
السَّجْع المُرصَّع بين: (الكدر-المطر/صفْواً-صحْواً). |
- السَّجْع المُتوازن: هو السَّجْع الذي تتوافق فيه الكلمة الأخيرة في كل من الفقرتين بالوزن العَروضي، دون توافق في القافية. مثال على ذلك:
أمثلة على السَّجْع المُتوازن |
الجُملة |
التّوضيح |
قال تعالى: (وَنَمَارِقُ مَصْفُوفَةٌ وَزَرَابِيُّ مَبْثُوثَةٌ). |
السَّجْع المُتوازن بين: (مَصْفُوفَةٌ-مَبْثُوثَةٌ)، وتتوافق الأوزان: (مَفعولَة-مَفعولَة) بينما تختلف القوافي: (الفاء-الثاء). |
قال أحد البُلَغاء: “النّاس كالأهداف لناب الأمراض”. |
السَّجْع المُتوازن بين: (الأهداف-الأمراض) بتوافق الأفعال، لكن تختلف في القافية: (الفاء-الضاد). |
قال تعالى: (وَمَا أَدْرَاكَ مَا الطَّارِقُ*النَّجْمُ الثَّاقِبُ). |
السَّجْع المُتوازن بين: (الطَّارِقُ-الثَّاقِبُ) بتوافق الأوزان: (الفاعل-الفاعل) واختلاف في القافية: (القاف-الباء). |
- السَّجْع المتوازي: هو السَّجْع الذي تكون فيه آخر كلمة في الفقرتين متوافقة في الوزن العَروضي والقافية. مثال على ذلك:
أمثلة على السَّجْع المتوازي |
الجُملة |
التّوضيح |
قال تعالى: (فِيهَا سُرُرٌ مَّرْفُوعَةٌ * وَأَكْوَابٌ مَّوْضُوعَةٌ). |
السَّجْع المتوازي بين: (مَّرْفُوعَةٌ-مَّوْضُوعَةٌ). |
قال تعالى: (وَجَعَلْنَا اللَّيْلَ لِبَاسًا * وَجَعَلْنَا النَّهَارَ مَعَاشًا). |
السَّجْع المتوازي بين: (لِبَاسًا-مَعَاشًا). |
قول الحريري: “وأودى بي الناطق والصامت، ورثى لي الحاسد والشامت”. |
السَّجْع المتوازي بين: (الصامت-الشامت). |
- السَّجْع المُطرَّف: هو السَّجْع الذي تتوافق فيه الكلمة الأخيرة في كل من الفقرتين بالقافية، ولكن تتباين بالوزن العَروضي. مثال ذلك:
أمثلة على السَّجْع المُطرَّف |
الجُملة |
التّوضيح |
قال تعالى: (مَا لَكُمْ لَا تَرْجُونَ لِلَّهِ وَقَارًا * وَقَدْ خَلَقَكُمْ أَطْوَارًا). |
السَّجْع المُطرَّف بين: (وقارًا-أطوارًا)، حيث تختلف الأوزان: (فَعَالًا-أفْعالًا). |
قول أعرابي ذهب السَّيلُ بابنه: “اللَّهُمَّ إِنْ كُنْتَ قَدْ أَبْلَيْتَ، فَإِنَّكَ طَالَمَا قَدْ عَافَيْتَ”. |
السَّجْع المُطرَّف بين: (أَبْلَيْتَ-عَافَيْتَ)، واختلاف الأوزان: (أفعلْتَ-فاعلْتَ). |
قال تعالى: (أَلَمْ نَجْعَلِ الْأَرْضَ مِهَادًا * وَالْجِبَالَ أَوْتَادًا). |
السَّجْع المُطرَّف بين: (مِهَادًا-أَوْتَادًا)، وتختلف الأوزان: (فِعَالًا-أفْعالًا). |
أقسام السَّجْع بحسب الطول
قسَّم البلاغيون السَّجْع -عند اعتبار الطول- إلى ثلاثة أنواع هي: (القصير، والمُتوسّط، والطّويل)، بينما ابن الأثير قسّمها إلى قسمين فقط: (القصير، والطّويل). يجدر بالذكر أن جميع العلماء اتفقوا على أن أجود هذه الأنواع هو (السَّجْع القصير). وفيما يلي توضيح للأنواع الثلاثة:
- السَّجْع القصير: يُعرَف هذا النوع بأنه يتضمن فقَرات بألفاظ مسجوعة بعدد قليل، بمعنى أن طول الفقرة المسجوعة يكون قصيراً، ويعد هذا النوع الأكثر جودة ولكنه الأصعب في التنفيذ. وقد ذكر عبد القادر حسين في كتابه (فن البديع): “السَّجْع القصير هو أصعب أنواع السَّجْع مسلكاً، وأطيبها على السمع، وأخفّها على القلب”، حيث أكد أن الألفاظ القصيرة تكون أكثر رقة وجاذبية بسبب تقارب نهاياتها، ويمكن اعتبارها مصدراً لتقييم إبداع الكاتب. ومن الأمثلة على السَّجْع القصير:
أمثلة على السَّجْع القصير |
الجُملة |
قال تعالى: (وَالْمُرْسَلاَتِ عُرْفًا * فَالْعَاصِفَاتِ عَصْفًا). |
قول الهمذاني: “أشابٌّ عهدي، أم شاب عهدي”. |
- السَّجْع المتوسّط: يتميز هذا النوع بكون فقَراته تتضمن ألفاظًا مسجوعة بعدد أكبر مقارنةً بالسَّجْع القصير، أي أن طول الفقرة المسجوعة مُتوسِّط. من الأمثلة على ذلك:
أمثلة على السَّجْع المتوسّط |
الجُملة |
قال تعالى: (سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى * الَّذِي خَلَقَ فَسَوَّى). |
قال تعالى: (اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانْشَقَّ الْقَمَرُ * وَإِنْ يَرَوْا آَيَةً يُعْرِضُوا وَيَقُولُوا سِحْرٌ مُسْتَمِرٌّ). |
قول القاضي فاضل: “وكانت قدرة الله تصرف العنان بالعيان، عقوبة من الله ليس لصاحب يد بها يدان”. |
- السَّجْع الطّويل: يُعَرَف هذا النوع بكون فقَراته تتضمن ألفاظًا مسجوعة بعدد كبير، أي أن طول الفقرة المسجوعة طويل. ومن الأمثلة على ذلك:
أمثلة على السَّجْع الطّويل |
الجُملة |
قال تعالى: (وَلَئِنْ أَذَقْنَا الْإِنسَانَ مِنَّا رَحْمَةً ثُمَّ نَزَعْنَاهَا مِنْهُ إِنَّهُ لَيَئُوسٌ كَفُورٌ * وَلَئِنْ أَذَقْنَاهُ نَعْمَاءَ بَعْدَ ضَرَّاءَ مَسَّتْهُ لَيَقُولَنَّ ذَهَبَ السَّيِّئَاتُ عَنِّي ۚ إِنَّهُ لَفَرِحٌ فَخُورٌ). |
قول أمامة بنت الحارث لابنتها: “ثم اتّقي مع ذلك الفرح بين يديه إن كان ترحاً، والاكتئاب بين يديه إن كان فرحاً”. |
شروط جمال السَّجْع في اللغة العربية
يتطلب أسلوب السَّجْع وجود شروط معينة، وعندما تُستكمل، يؤدي وظيفته البلاغية كواحدٍ من المحسنات البلاغية. وهذه الشروط هي كما يلي:
- خِفّة الألفاظ المستخدمة في السَّجْع، بحيث تكون محبّبة على سمع المتلقي.
- توافق الألفاظ مع المعاني المطلوبة، لكي لا تكون الكلمات عامّة في صياغتها، بل تلائم المعاني المقصودة.
- إيراد معاني مألوفة، بعيدة عن الغرابة في الأذهان.
- تنوع المعاني بين الألفاظ المسجوعة، كي تكون الفائدة من التكرار اللفظي واضحة.
من المهم أن نذكر أن ابن الأثير حدد أربعة شروط يجب توافرها في أسلوب السَّجْع، وإذا غاب أحدها فلن يتحقق السَّجْع بنجاح. وهذه الشروط هي:
- قوة الألفاظ المُستخدمة، بحيث تظل عالقة في ذِهن المتلقي.
- العناية باللفظ بشكل يجعله جميلاً عند ذكره بمفرده، وأيضًا ضمن تركيب السَّجْع.
- تبعية اللفظ للمعنى، مع الحرص على عدم دفع المعنى باتجاه العكس؛ لأنّ ذلك يُشوّه المعنى الحقيقي.
- تجنب تكرار المعاني بين الفقرتين اللتين تظهر فيهما أسلوب السَّجْع.
تدريبات على السَّجْع
الجُملة |
نوع السَّجْع بحسب الوزن العروضي |
نوع السَّجْع بحسب الطول |
قول أحد البلغاء: “الإِنْسَانُ بآدَابهْ، لاَ بِزِيِّهِ وَثِيَابِهْ”. |
(المُرصَّع/المُتوازن/المتوازي/المُطرَّف) |
(القصير/المتوسط/الطّويل) |
المعالي عروس مهرها بذل النّفوس. |
(المُرصَّع/المُتوازن/المتوازي/المُطرَّف) |
(القصير/المتوسط/الطّويل) |
طاعة الشّهود داء، وعصيانها دواء. |
(المُرصَّع/المُتوازن/المتوازي/المُطرَّف) |
(القصير/المتوسط/الطّويل) |
الحِكمة التي تقول: “مَنْ مَنّ بمعروفه سقط شكرهُ، ومَنْ أُعجب بعمله حبط أجره”. |
(المُرصَّع/المُتوازن/المتوازي/المُطرَّف) |
(القصير/المتوسط/الطّويل) |
بيت المُتنبّي:
فنَحنُ في جَذَلٍ والرّومُ في وَجَلٍ
وَالبَرُّ في شُغُلٍ والبَحرُ في خَجَلِ |
(المُرصَّع/المُتوازن/المتوازي/المُطرَّف) |
(القصير/المتوسط/الطّويل) |
سُئل حكيم عن أكرم النّاس عِشْرة فقال: “مَنْ إذا قَرُب مَنَح، وإذا بَعُدَ مَدَح، وإذا ضُويِق سَمح”. |
(المُرصَّع/المُتوازن/المتوازي/المُطرَّف) |
(القصير/المتوسط/الطّويل) |
قيل لأعرابيّ: ما خَيْرُ العنب؟، قال: “ما اخْضرَّ عُودُه، وطال عَمُودُه، وعَظُم عُنْقُوده”. |
(المُرصَّع/المُتوازن/المتوازي/المُطرَّف) |
(القصير/المتوسط/الطّويل) |
قال أبو عمرو بن العلاء: “مِمَّا يَدُلَّ على حريَّةِ الرجلِ، وكرمِ غريزَتِهِ، حنينُهُ إلى أوطانِهِ، وتشوُّقُهِ إلى متقدَّمِ إخوانهِ، وبكاؤُهُ على ما مضى من زمانِهِ”. |
(المُرصَّع/المُتوازن/المتوازي/المُطرَّف) |
(القصير/المتوسط/الطّويل) |
الحرُّ إذا وعد وفى، و إذا أعان كفى، وإذا ملك عفا. |
(المُرصَّع/المُتوازن/المتوازي/المُطرَّف) |
(القصير/المتوسط/الطّويل) |
أكمل الجُمل الآتية بالحرف الناقص ليكتمل المعنى باستخدام أسلوب السَّجْع. |
الجُملة |
الحرف الناقص |
قول أبي منصور الثّعالبي: “الحقد صدأ القلوب، واللّجاج (التمادي في الخصومة) سبب الحرو(__)”. |
(__) |
قول أحمد شوقي: “الصوم حرمان مشروع، وتأديب بالجو(__)، وخشوع لله وخضو(__)”. |
(__) |
المَثل الذي يقول: “من أكل تمرهم، يقوم بأمرهـ(__)”. |
(__) |
اللسان، عدو الإنسا(__). |
(__) |
أكمل الأزواج في الكلمات الآتية بذكر عكسها وعلى نفس الوزن، مِثل: (تهتمّ-تغتمّ) |
الكلمة |
الكلمة المُقابلة |
القاهر. |
(………………….) |
أبْكُوا. |
(………………….) |
الأبيض. |
(………………….) |
يجهل. |
(………………….) |
يعلم. |
(………………….) |
يمشي. |
(………………….) |
كوّن جملة مُفيدة باستخدام الكلمات المسجوعة الآتية مع إضافة ما يُناسبها لإتمام معنى الجملة: |
الكلمات |
السّلام |
الطّعام |
الأرحام |
الكِرام |
الكلام |
تعريف السَّجْع
إنّ كلمة السَّجع مأخوذة من المادّة اللغوية (سَجَعَ)، كما ورد في معجم (لسان العرب) لابن منظور، حيث تعني سَجَعَ الشيء: “أي استقام، واستوى، وأشبه بعضه بعضا”. وفقاً لمعاني السَّجْع في المعاجم، سواء كانت في (لسان العرب) أو (تاج العروس)، يعني “الكلام المُقفّى”. كما يُفهم من تعريفات أخرى أن سَجَّعَ فُلان يعني تحدث بكلام له قافية مشابهة لقافية الشعر. وقد وصف العرب قديماً صوت الحمامة الذي يُطرب بأنه “سَجْع”، وبهذا الخصوص، أشار ابن دريد إلى أن سَجْع الحمامة يعني ترديدها لصوتها. كما ناقش المبرد في كتابه (الكامل في اللغة والأدب والنحو والتصريف) أن السَّجْع يتطلب أن يكون آخر الكلام على شكل نَسَق واحد مثل نَسَق القافية.
تجدر الإشارة إلى أن السَّجْع عُرف في الاصطلاح اللغوي عند البلاغيين بتعريفات متعددة، لكنها جميعاً تدور حول مفهوم موحد؛ وهو اتفاق نهايات الكلام (الحرف الأخير)، أو توافقها في الأوزان العروضيّة، أو توافقها في أحدهما (الوزن العروضي أو القافية). ومن التعريفات الموثوقة عن البلاغيين هو تعريف أبي هلال العسكري في كتابه (الصناعتين: الكتابة والشعر)، حيث عرف السَّجْع بأنه: “أن يكون الجزآن مُتوازيين ومُتعادليْن، ولا يزيد أحدهما عن الآخر، مع توافق الفواصل على حرف بعينه”. ويساوي هذا التعريف أيضًا تعريف ابن أبي الأصبع المصري في كتابه (بديع القرآن)، حيث يقول: “هو مولاة الكلام على حد واحد”، وهو تعريف السيوطي في كتابه (الإتقان في علوم القرآن)، وكذلك تعريف بلاشير في كتابه (السَّجع في القرآن) الذي يعتبر السَّجْع: “نثرٌ مُقفّى ذو إيقاع”. وهناك العديد من علماء اللغة الذين قدموا تعريفات متنوعة للسَّجْع، لكنها جميعًا تندرج تحت نفس المعنى.