أهمية أسس تقديم النصيحة في العلاقات الإنسانية

أهمية آداب النصيحة

تعتبر النصيحة من الأدوات الشرعية الأساسية التي تُستخدم لتوجيه سلوكيات الأفراد وكلماتهم نحو الصلاح. فهي وسيلة لنشر الحق وإرشاد الناس، كما أنها من وسائل الدعوة إلى الخير والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر. ونظرًا لأهميتها الكبيرة، فإن هناك آدابًا محددة ينبغي على المسلم الالتزام بها عند تقديم النصيحة. تأتي العديد من النصوص الشرعية لتشجيع على النصيحة، منها قول النبي -عليه الصلاة والسلام-: “الدين النصيحة، قلنا: لمن؟ قال: لله ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم.” فيما يلي، سنستعرض مجموعة من الآداب الهامة المرتبطة بالنصيحة.

آداب النصيحة

تتعلق النصيحة بحياة الأفراد، وتظهر أنه عندما يواجه شخص ما ملحوظة حول تقصيره أو خطأ في رأيه، ينبغي تقديمها بأدب واحترام حتى تُقبل وتُبدد أي نفور قد يشعر به المخطئ من الناصح. ومن المهم التطرق إلى عدد من الآداب التي يجب مراعاتها عند تقديم النصيحة.

إخلاص النية لله تعالى

يجب أن تكون نية الناصح خالصة لوجه الله، دون هدف لإظهار النفس أو إيذاء الآخرين. إن أهمية هذا الأدب تكمن في أن الشخص الذي لا يُخلص نيته قد يقع في فخ الرياء، مما يحبط عمله بدلاً من أن ينال الأجر. كما أن عدم الإخلاص قد يسبب ردّ فعل سلبي تجاه نصيحته.

إذا كانت النصيحة علنية، ينبغي أن يكون الخطاب عامًا

أي يجب أن يُطرح الأمر بشكل عام دون تخصيص شخص معين، فقد كان (إذا عُرض عليه حديث عن شخص، لم يقل: ما بال فلان؟ بل كان يقول: ما بال أقوام يقولون كذا وكذا).

يجب أن يكون الناصح ملمًا بما ينصح به

تكمن أهمية هذا الأدب في أنه إذا كان الناصح جاهلًا بما ينصح به، فقد يقود الآخرين إلى الفتنة والسيئة بدلاً من الهدى والخير.

يجب أن يتحلى الناصح بالرحمة واللطف والتواضع

قال الله -تعالى- لنبيه الكريم: ﴿وَلَوْ كُنتَ فَظّاً غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ﴾. إن أهمية هذا الأدب تكمن في أن أسلوب التعامل الجاف يمكن أن يمنع الآخرين من قبول الحق، لذا يجب على الناصح أن يتسم باللطف في حديثه.

يجب على الناصح أن يستر على المخطئ

ينبغي عدم كشف أخطاء الأشخاص أمام الآخرين، فالنصيحة يجب أن تكون مبنية على الستر. تكمن أهمية هذا الأدب في أن الشخص المخطئ قد يتمسك بكبرياءه إذا تم فضح أمره، مما قد يمنعه من الاعتراف بخطأه، كما يعتبر كشف أسرار الآخرين خيانةً لهم.

يجب على الناصح معرفة أحوال الناس

من الضروري فهم مستواهم العلمي ومواقعهم وظروفهم. فالناصح قد يُحث شخصًا ما على الوقوف الصحي في الصلاة بينما يكون هذا الشخص من ذوي الأعذار، مما قد يكون غير مناسب.

يجب أن يعمل الناصح بما ينصح به

وإلا فإنه يصبح ممن قال الله -تعالى- فيهم: ﴿أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنسَوْنَ أَنفُسَكُمْ وَأَنتُمْ تَتْلُونَ الْكِتَابَ أَفَلاَ تَعْقِلُونَ﴾. فلا يُعقل أن يُنصح الناس بالصلاة الجماعية بينما هو لا يلتزم بها قدر استطاعته. فالنصيحة ستكون أكثر تأثيرًا إذا كان الناصح قدوة في أفعاله، حيث إن القدوة بالفعل لها القوة الأكبر مقارنة بالقدوة بالكلمات.