أهمية بر الوالدين
تتجلى أهمية بر الوالدين في العديد من الجوانب والعواقب المحمودة التي تترتب عليه، وهنا سنذكر بعض هذه النقاط:
- تحقيق التوفيق والسعادة والنجاح في الحياة الدنيا والآخرة، ونيل الأجر والثواب العظيم ودخول الجنة. فقد روى الإمام مسلم في صحيحه عن عبدالله بن مسعود -رضي الله عنه- أن النبي -عليه الصلاة والسلام- سُئل: “يا نَبِيَّ اللهِ، أيُّ الأعْمالِ أقْرَبُ إلى الجَنَّةِ؟” فأجاب: “الصَّلاةُ علَى مَواقِيتِها”. قلت: “وماذا يا نَبِيَّ اللهِ؟” قال: “برُّ الوالِدَيْنِ”.
- الحصول على القرب والرضا من الله -تعالى- نتيجة لرضا الوالدين. فقد ذكر عبدالله بن عمرو -رضي الله عنه- أن النبي -عليه الصلاة والسلام- قال: “رِضا اللهِ في رِضا الوالدِ، وسَخط اللهِ في سَخَطِ الوالدِ”. كما ورد عنه -صلى الله عليه وسلم-: “إنِّي لا أعلمُ عملًا أقربَ إلى اللهِ عزَّ وجلَّ مِن برِّ الوالدةِ”، ويعتبر برُّ الوالدين سببًا في زيادة البركة في الرزق، كما روي عن أنس بن مالك -رضي الله عنه- أن النبي -صلّى الله عليه وسلّم- قال: “مَن سَرَّه أن يُمَدَّ لهُ في عُمرِه، ويُزادَ في رِزقِه؛ فَلْيبرَّ وَالدَيهِ، ولْيصِلْ رَحِمَه”.
- زيادة فضيلة بر الوالدين، حيث يُعد العمل بهما من أعظم الأعمال في نظر الله -تعالى- كما ثبت عن ابن مسعود -رضي الله عنه-، حيث سأل: “أيُّ الأعْمالِ أقْرَبُ إلى الجَنَّةِ؟” فأجابه النبي -عليه الصلاة والسلام-: “الصَّلاةُ علَى مَواقِيتِها… ثم برُّ الوالدين”. كما أن العبد الذي يبر بوالديه ينال الراحة والطمأنينة بفضل رضاهم.
- رفع شأن ومكانة البار بوالديه، وطيب السمعة بين الناس نتيجة حرصه على برهما. إذ أن العمل الصالح يعود دومًا بالخير على فاعله، كما أن بر الوالدين يُعتبر من العوامل التي تُفرج الهموم والمشكلات. وقد يوثق الإمام البخاريّ في صحيحه قصة الثلاثة الذين علقوا في الغار، حيث فُرج همهم بفضل أعمالهم الصالحة، وكان أحدهم بارًا بوالده. وثبت عن عبدالله بن عمر -رضي الله عنهما- قوله: “سمعتُ رسول الله -صلى الله عليه وسلّم- يقول… فَقالَ رَجُلٌ منهمْ: اللَّهُمَّ كانَ لي أبَوَانِ شيخَانِ كَبِيرَانِ”.
- منزلة الوالدين عظيمة، حيث ارتبط برهما وشكرهما بالإحسان إلى الله -تعالى- في قوله: “وَاعْبُدُوا اللَّـهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا”، وأيضًا: “وَوَصَّيْنَا الْإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ”. لذا يجدر بالإنسان شكر والديه كوجوب شكره لله -تعالى-.
- تحذير النبي -عليه الصلاة والسلام- من عدم البر بالوالدين، فقد روى الإمام مسلم في صحيحه عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن النبي -عليه الصلاة والسلام- قال: “رَغِمَ أنْفُهُ، ثُمَّ رَغِمَ أنْفُهُ، ثُمَّ رَغِمَ أنْفُهُ”، قيل: “مَنْ؟” قال: “مَن أدْرَكَ والِدَيْهِ عِنْدَ الكِبَرِ، أحَدَهُما، أوْ كِلَيْهِما، ثُمَّ لَمْ يَدْخُلِ الجَنَّةَ”.
أشكال بر الوالدين
تتنوع أشكال بر الوالدين، ومن أبرزها:
- الإنفاق عليهما، وتكريمهما، والسعي للقيام بأعمال الخير لهما دون الحاجة لسؤالهما، والدعاء لهما، وصلة أرحامهما وأصدقائهما، وتنفيذ وصاياهما، والدعاء لهما. فقد ذكر مالك بن ربيعة -رضي الله عنه- أن رجلاً من الأنصار قال للنبي: “هل بقي من بر والديَّ شيء بعد موتهما؟” فأجابه: “نعم، خصال أربع: الصلاة عليهما والاستغفار لهما، وإنفاذ عهدهما بعد موتهما، وإكرام صديقهما”.
- صلة أرحام الوالدين، وتلبية احتياجاتهم، والاهتمام بأحوالهم، والإحسان إليهم، كما جاء في القرآن: “وَاعْبُدُوا اللَّـهَ… وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا”.
- صحبة الوالدين، والجلوس معهما، وتوفير السعادة لهما، وعدم الضجر عند كبر سنهما، بل الاستمرار في برهما والعناية بهما، كما قال الله تعالى: “وَقَضَى رَبُّكَ أَلّا تَعبُدُوا إِلّا إِيّاهُ وَبِالوالِدَينِ إِحسانًا”.
- الحديث مع الوالدين بلغة ودية ورحمة، والحرص على إسعادهم، وتجنب إزعاجهم، والتواضع لهما، والإنصات لهم، وقبول نصائحهم برحابة صدر، والابتعاد عن التذمر من طلباتهم، كما جاء في القرآن: “فَلا تَقُل لَهُما أُفٍّ … وَقُل لَهُما قَولًا كَريمًا”.
- مخاطبة الوالدين بأحلى الألقاب، والاستماع إليهما دون مقاطعة، وتفضيلهم عند القيام بأي فعل كالطعام والشراب، والاهتمام بالسلام عليهم ومساعدتهم في كل الظروف.
الوفاء للوالدين
حث الله -تعالى- عباده على الإحسان والإخلاص للوالدين، والاعتراف بفضلهما، وقد قال: “وَقَضَى رَبُّكَ أَلّا تَعبُدوا إِلّا إِيّاهُ وَبِالوالِدَيْنِ إِحسانًا”. فقد بذل الوالدان جهودًا عظيمة في سبيل تربية أولادهما، لذا فإن برهما هو من أهم الأهداف التي يجب تحقيقها. وقد أوصى النبي -عليه الصلاة والسلام- بحسن الصحبة مع الوالدين، حيث روي عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن رجلاً سأل النبي: “من أحق الناس بحسن صحابتي؟” فأجابه: “أمك”، ثم كرر مرة أخرى: “ثم أمك”، ثم قال: “ثم أبوك”. كما أن بر الوالدين يعد سببًا لدخول الأبناء الجنة، كما ورد عن أبي الدرداء -رضي الله عنه- قوله: “الوالِدُ أوسطُ أبوابِ الجنَّةِ، فإنّ شئتَ فأضِع ذلك البابَ أو احفَظْه”.