مفهوم التوكل على الله
التوكل على الله هو الإيمان العميق بالاعتماد على الله -تعالى- من قبل العبد، والثقة في أن قضاءَه نافذ، مع اتباع أوامره والابتعاد عن نواهيه، إلى جانب الالتزام بسنة الرسول -عليه الصلاة والسلام-. ومن المهم أن نُشير إلى أن التوكل على الله يعد فرضًا في الشريعة الإسلامية.
يدل على ذلك قوله -تعالى-: (وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ). يُعتبر التوكل على الله من الأعمال القلبية التي يجب أن يتحلى بها المؤمن، حيث ينعكس هذا الإيمان في الاعتقاد بقدر الله ومحبته وفهمه بشكل جيد، وكذلك تطهير النفس من جميع الرذائل مثل السحر والحسد وما إلى ذلك، فضلاً عن الرضا بقضاء الله -تعالى- والصبر على البلاءات.
أهمية التوكل على الله
تظهر أهمية التوكل على الله من خلال اعتماد العبد عليه وحده في طلب ما يحتاجه. فيما يلي تفصيلٌ لأهمية وفوائد التوكل على الله:
- التوكل على الله -تعالى- هو وسيلة لتحقيق العزة والنجاة من جميع المصائب، كما يتجلى في قصة إبراهيم -عليه السلام- عندما أُلقي في النار، حيث قال: “حسبي الله ونعم الوكيل”، لتحول النار بذلك إلى برد وسلام عليه.
- التوكل على الله يجلب الكثير من الخير للمسلم في الدنيا والآخرة.
- التوكل على الله يحقق شعور الأمان والتحصن ضد كل ما يخافه العبد.
- التوكل على الله -تعالى- هو سبب أساسي للاستعانة به في جميع الأمور، كما يتضح من تصرفات الرسول -عليه السلام- في غزوة أحد.
- التوكل على الله -تعالى- يعزز حسن الظن به ويعكس القدرة على التغلب على الخوف والظلم ويرد كيد الأعداء على أنفسهم.
كيفية تحقيق التوكل على الله
فيما يلي بعض الطرق لتحقيق التوكل على الله:
الإيمان بالقضاء والقدر
عندما يؤمن العبد بقضاء الله وقدره سواء في الخير أو الشر، فإنه بالتأكيد سيوكل على الله -تعالى- بشكل صحيح، مما يمنحه الاطمئنان في مواجهة تحديات الحياة. كما يجب إيمان العبد بما كتب الله -تعالى- في اللوح المحفوظ، والتأكيد على أن الله سبحانه وتعالى هو المتصرف الوحيد في الكون، فلا يحدث شيء دون علمه وقدرته.
فهم أن الأمر كله بيد الله
أكدت الشريعة الإسلامية من خلال أدلتها أن الأمور تُفوض جميعها إلى الله -تعالى-، فهو الذي يدبر الأمور، ولن يقع خير أو شر إلا بعلمه ومشيئته. من يدرك هذه الحقيقة يشعر بالطمأنينة والإيمان بالله ورسوله -عليه الصلاة والسلام-، كما يتجلى ذلك في قوله -تعالى-: (وَلِلَّهِ غَيْبُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَإِلَيْهِ يُرْجَعُ الْأَمْرُ كُلُّهُ فَاعْبُدْهُ وَتَوَكَّلْ عَلَيْهِ ۚ وَمَا رَبُّكَ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ).
اتباع الأسباب
التوكل على الله -تعالى- لا يقتصر على القلب فقط، بل يجب أن يتجلى أيضًا من خلال الأعمال والسعي. فإذا كان العبد يتكل على الله دون اتخاذ الأسباب، فإنه يكون في حالة من التواكل. لذا، يجب أن يكون التوكل مقترناً بالأخذ بالأسباب.
التوكل على الله من أركان الإيمان
التوكل على غير الله -تعالى- يُعتبر شركاً أكبر، وقد وردت آيات في القرآن الكريم تؤكد أركان الإيمان مع التوكل على الله، مثل قوله -تعالى-: (وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجًا * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ ۚ وَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ ۚ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ ۚ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا).