أهمية التحلي بالهمة العالية

ما هو علو الهمة؟

يعرف علو الهمة في اللغة بحسب ما ذكره الرازي بأنه “الهمة واحدة من الهمم، ويقال: إن فلانًا يمتاز بعلو همته، سواءً كُسرت الهاء أو فتحت”. أما على الصعيد الاصطلاحي، فقد وصف الجرجاني الهمة على أنها “توجه القلب الكامل بكل قواه الروحية نحو الحق للوصول إلى الكمال لنفسه أو لغيره”.

أهمية علو الهمة

ترتفع المجتمعات والشعوب بمقدار ما تترفع به هممها. إذ إن الأشخاص ذوي الهمم العالية يسعون دومًا نحو إتقان الأعمال، ويسرون في فعل الخير، ويبحثون عن الإنجازات العُليا، ليكونوا نموذجًا يحتذى به في مجتمعاتهم. فربما تحيا أمة بفضل همّة عالية، إذ لا يرضى المتطلعون إلى القمة بما هو أقل. وعندما تكون النفوس كبيرة، لا تُحس بالتعب أو التعب، بل تسعى نحو مراتب النجاح العليا، وتتسابق في الخيرات. وفيما يلي بعض صور علو الهمة في الإسلام.

تحقيق مراتب مرتفعة في العبادة

يسعى المسلم لأداء الصلوات المفروضة، ثم ينتقل لأداء السنن المترتبة عليها ويجتهد في قيام الليل والتهجد، كما يسدد زكاة ماله المفروضة، ويجتهد في الصدقة بما يزيد عن الزكاة. ويصوم الشهر الفضيل ثم يتقرب إلى الله بالصيام التطوعي، فالفروض تمثل حق العبادة، أما النوافل فهي وسيلة لوصوله إلى درجة القرب والمحبة.

السعي نحو الحق

يتطلع المسلم دائمًا إلى الحق، مهما كلفه ذلك من جهد وتضحيات. فقد بذل الصحابة رضي الله عنهم جهودًا مضنية في سبيل الحق، من خلال التضحية بالأرض والثروات، ولم يترددوا في التخلي عن مكانتهم وجاههم في لقاء رضوان الله وجنته.

اتباع آثار الصحابة والسلف الصالح

هؤلاء الصحابة الكرام كانوا يتميزون بعلو همتهم. ومن بين هؤلاء، الصحابي ربيعة بن كعب الأسلمي رضي الله عنه، الذي قال: (كنت أبِيت مع رسول الله صَلَّى اللهُ عليه وسلَّم، فتوجهت إليه بوظائفي فقال: سَلْ، فقلت: أسألك مرافقتك في الجنة، فقال: أو غير ذلك؟ فأكدت: هو ذاك، فقال: فأعني على نفسك بكثرة السجود).

أيضًا لدينا الصحابي عمرو بن الجموح الذي عُذِر لعدم حضور القتال بسبب عرجته، لكنه أصر على المشاركة يوم غزوة أحد من أجل الفوز بجنات النعيم. قال: “والذي نفسي بيده لا أعود إلى بيتي حتى أدخل الجنة”، فرد عليه عمر بن الخطاب: “يا عمرو لا تؤل على الله”، فأجابه النبي صَلَّى اللهُ عليه وسلَّم: “مهلًا يا عمر، فإن منهم من لو أقسم على الله لأبره، ومنهم عمرو بن الجموح الذي سيخوض الجنة بعرجته”.

السعي نحو تحقيق مراتب علمية عالية

لا يقف المسلم في سعيه للعلم عند حد معين، بل يسعى للتعلم من المهد إلى اللحد، فهو لا يكتفي بل يطمح في الارتقاء. فقد رفع الله أهل العلم درجات، ووصفهم بأنهم الأكثر خشية له، وشعارهم هو: ﴿وَقُل رَّبِّ زِدْنِي عِلْمًا﴾.

علو الهمة في القرآن والسنة

  • قال تعالى: ﴿مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ، فَمِنْهُم مَّن قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُم مَّن يَنتَظِرُ، وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلًا﴾.
  • قال تعالى: ﴿وَسَارِعُواْ إِلَى مَغْفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ﴾.
  • قال تعالى: (إذا سَأَلْتُمُ اللَّهَ فَسَلُوهُ الفِرْدَوْسَ، فإنَّه أوْسَطُ الجَنَّةِ، وأَعْلَى الجَنَّةِ).
  • قال النبي صلى الله عليه وسلم: (مَن أصْبَحَ مِنْكُمُ اليومَ صائِمًا؟ قالَ أبو بَكْرٍ: أنا، قالَ: فمَن تَبِعَ مِنْكُمُ اليومَ جِنازَةً؟ قالَ أبو بَكْرٍ: أنا، قالَ: فمَن أطْعَمَ مِنكُمُ اليومَ مِسْكِينًا قالَ أبو بَكْرٍ: أنا، قالَ: فمَن عادَ مِنْكُمُ اليومَ مَرِيضًا قالَ أبو بَكْرٍ: أنا، فقالَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ: ما اجْتَمَعْنَ في امْرِئٍ إلَّا دَخَلَ الجَنَّةَ).

درجات علو الهمة

تشمل درجات علو الهمة الآتي:

  • السعي للوصول إلى الفردوس الأعلى.
  • الرغبة في مرافقه النبي صلى الله عليه وسلم في الجنة.
  • حب ما يحبه الله ورسوله.
  • تكثيف الأعمال والسلوكيات التطوعية لنيل محبة الله.
  • استمرار التعلم وعدم الاكتفاء بالمعرفة السطحية.
  • أداء الصلوات بنشاط وهمة عالية ومنذ بداية وقتها.

العوامل المؤدية لعلو الهمة

يعتبر الإيمان بالله تعالى من أكبر المحفزات لعلو الهمة، فهو أحد الأسباب القوية التي تدفع الأشخاص نحو العمل الجاد والاجتهاد. يُعزز الإيمان الإدراك ويشجع على الإبداع، لذا فإن زيادة الإيمان تعني ارتفاع الهمة. بالإضافة إلى ذلك، تتعزز الهمة من خلال الصحبة الصالحة ودراسة سير الناس ذوي الهمم العالية.