أهمية الزواج في تعاليم الإسلام

أهداف الزواج في الإسلام

لقد أتاح الله سبحانه وتعالى الزواج كوسيلة لبناء علاقة متينة بين الزوجين، معتبرًا إياه عقدًا محاطًا بحماية الشرع بغرض تحقيق مجموعة من المقاصد النبيلة لهذه العلاقة. ولذلك، من الضروري التعرف على هذه الأهداف لتجنب أي عوائق قد تعكر صفو الحياة الزوجية وتحد من قدرتها على تحقيق ما هو موكل إليها.

وقد اقتضت الحكمة الإلهية ألا تُرك الرجل والمرأة بلا أهداف سامية يسعون لتحقيقها. وفيما يلي أبرز مقاصد الزواج وأهدافه:

تحقيق العبودية لله العلي

يُعتبر الزواج استجابة لأمر الله تعالى، حيث يرتبط بصلح الدنيا والآخرة، وقد ورد في القرآن الكريم: (فَانكِحُوا مَا طَابَ لَكُم مِّنَ النِّسَاءِ مَثْنَىٰ وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ). وقد اتفقت آراء علماء الأمة على أن الزواج يُعتبر عبادة، خاصةً إذا كانت النية وراءه العفة ومنح الحياة للنسل، ضمن الأهداف التي يدعو الإسلام لتحقيقها.

استمرارية النسل وحفظه

يعتبر الزواج عاملاً حيويًا من أجل زيادة الجنس البشري واستمراره، كما ورد في قوله تعالى: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً). وفي هذا دلالة على ديمومة الأثر، حيث استخلف الله الإنسان في الأرض ليقوم بنشر الحياة وتطويرها، مما يستدعي ضرورة الزواج لضمان وجود النوع البشري واستمراريته.

تلبية الغرائز الفطرية وتنظيمها

يوفر الزواج تلبية لكلا الجنسين بطريقة شرعية وفقًا لتعاليم الإسلام، مما يساعد على الابتعاد عن المحرمات ويمنع انشغال الفكر الذي قد يعيق المسلم عن أداء واجباته الحياتية. كما يسهم الزواج في حماية المجتمع من الفواحش، لذا قال النبي صلى الله عليه وسلم: (يَا مَعْشَرَ الشَّبَابِ، مَنِ اسْتَطَاعَ مِنْكُمُ البَاءَةَ فَلْيَتَزَوَّجْ، فإنَّه أَغَضُّ لِلْبَصَرِ، وَأَحْصَنُ لِلْفَرْجِ). إذ يشكل الزواج وسيلة لحفظ الأنساب وتنظيم العلاقات الأسرية في إطار احترام العلاقات الشرعية.

تحقيق الراحة النفسية والجسدية

إن الشعور بالسكن والراحة يتجسد في الزواج، حيث تتواجد المودة والرحمة التي وضعها الله في قلب الزوجين، مما يمنحهم متعة متعددة الأبعاد. فالحكمة الإلهية توجب أن ينشأ الفرد في إطار عائلي، وخلق الله ميلًا عاطفيًا طبيعيًا بين الرجل والمرأة. يُعتبر الزواج سبيل تحقيق هذا الميل، حيث أن الوحدة تُشعر الإنسان بالوحشة والملل، كما قال ابن عباس: “لما أسكن الله آدم الجنة، شعر بالوحشة، وعندما نم، خُلِقَت حواء من ضلعه ليتبادل الأنس معها”.

تعزيز الروابط الأسرية والاجتماعية

تُعتبر حكمة الزواج تعزيزًا للروابط الأسرية والاجتماعية وتوسيع شبكة العلاقات. فالمصاهرة تنشئ روابط جديدة بين الزوجين وعائلتيهما، فقد ذكر الله عز وجل في كتابه: (وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا). وبذلك، يُمكن أن تؤدي العلاقات الأسرية الناتجة عن الزواج إلى تشارك الأفراح والأحزان، مما يعزز الاحترام والمودة بين المجتمعات المسلمة.