دور الأعمال في حياة العبد يوم القيامة
حدد الله –عز وجل– يوم القيامة ليكون يوم الحساب والجزاء بناءً على الأعمال التي قام بها الإنسان خلال حياته. حيث قال تعالى: (وَلَو شَاءَ اللَّـهُ لَجَعَلَكُم أُمَّةً واحِدَةً وَلـكِن يُضِلُّ مَن يَشاءُ وَيَهْدِي مَن يَشاءُ وَلَتُسْأَلُنَّ عَمَّا كُنتُم تَعمَلُونَ). كما ذكر أيضاً: (وَتَرَى كُلَّ أُمَّةٍ جَاثِيَةً كُلُّ أُمَّةٍ تُدْعَى إِلَى كِتَابِهَا الْيَوْمَ تُجْزَوْنَ مَا كُنتُم تَعْمَلُونَ). وهذا يعكس أن الجزاء يوم القيامة قائم على ما يقدمه الفرد من أعمال، فإن كانت خيراً فمصيره الجنّة، وإن كانت شراً فمصيره النار.
أهمية الأعمال الصالحة للعبد يوم القيامة
تشير الأعمال الصالحة إلى تلك التي ترضي الله –عز وجل– وفق شرطين: أن تكون متوافقة مع ما شرعه الله لعباده، وأن ينوي بها العبد ابتغاء مرضاة الله –سبحانه وتعالى–. فإذا فقد العمل أحد هذين الشرطين فلا ينال العبد ثواباً أو أجراً. وقد أولى الإسلام الأعمال الصالحة أهمية كبيرة، حيث تم ذكرها في العديد من الآيات القرآنية، مما يدل على ارتباطها الوثيق بالإيمان وبيان جزائها يوم القيامة، بالإضافة إلى تأثيرها في مغفرة الذنوب ورفع الدرجات. وفي يوم الحساب، لن ينفع الإنسان سوى ما قدّمه من أعمال صالحة في حياته.
وقد أعطى الله –سبحانه وتعالى– صورة واضحة عن جزاء الأعمال الصالحة في الآخرة، فقال: (أُولَـٰئِكَ جَزَاؤُهُم مَّغْفِرَةٌ مِّن رَّبِّهِمْ وَجَنَّاتٌ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَنِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِينَ). ومن بين الأعمال الصالحة يأتي حسن الخلق الذي أثنى عليه رسول الله –صلّى الله عليه وسلّم– بقوله: “إنَّ مِن أحبِّكُم إليَّ، وأقربِكُم منِّي مَجلسًا يومَ القِيامةِ؛ أحسنُكُم أخلاقًا”. كما أن الأعمال الصالحة ستقوم بتظليل صاحبها من شدة الشمس يوم القيامة، حيث تُعتبر كغمامة تقيهم، فقد روى أبو موسى الأشعري –رضي الله عنه– عن رسول الله –صلّى الله عليه وسلّم– قوله: “الشمسُ فوق رءوسِ الناسِ يومَ القيامةِ وأعمالُهم تظلُّهم”. أما من كان له أعمال سيئة في الدنيا فلا يكون له ظل ولا رحمة من الله.
تأثير الأعمال السيئة على العبد يوم القيامة
أوضح الله –تعالى– من خلال الآيات القرآنية أن الإنسان سيعذب يوم القيامة جراء ما اقترفه من معاصي وذنوب في الدنيا. يقول –عز وجل–: (أَفَمَن يَتَّقِي بِوَجْهِهِ سُوءَ الْعَذَابِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَقِيلَ لِلظَّالِمِينَ ذُوقُوا مَا كُنتُمْ تَكْسِبُونَ). فالذين كفروا بالله في الدنيا واحتقروا آياته وكذّبوا برسله ولم يؤمنوا بكتبه سيكون punished their على وجوههم يوم القيامة؛ إذ هي أشرف ما فيهم. وسيتعذر عليهم دفع العذاب، بينما تُقيد أيديهم، وبهذا يفشلون في القيام بما يريدون. وأخيراً، سيقذف بهم في النار ويأخذوا من العذاب ما يستحقونه، فلا يتساوى المؤمن أبداً مع الكافر.
لقد جعلت العقاب في الآخرة متناسباً مع العمل السيء في الدنيا. ومن الأمثلة على ذلك ما روته أم المؤمنين عائشة –رضي الله عنها– عن رسول الله –صلّى الله عليه وسلّم– حيث قال: (مَن ظَلَمَ قِيدَ شِبْرٍ مِنَ الأرْضِ طُوِّقَهُ مِن سَبْعِ أرَضِينَ). وقد فسر الإمام الجوزي معنى التطويق بناءً على ثلاثة تفسيرات؛ إما أن يُخسف به الأرض بسبب الظلم، فتكون تلك الأرض كطوق في عنقه، أو يُسيء إليه بتكليفه بحمل ما اقترفه من ظلم، أو أن يكون الإثم الذي ارتكبه كطوق يحيط به يوم القيامة.