أهمية تطبيق السياسة الشرعية في المجتمع

أهمية السياسة الشرعية

يُعرّف الطاهر بن عاشور -رحمه الله- السياسة الشرعية بأنها “التصرف في عموم مصالح الأمة بما يتجاوز القضاء”. كما وصفها البعض بأنها “إدارة شؤون الدولة الإسلامية التي لم يُحدد لها نص شرعي واضح، أو التي من الممكن أن تتغير لتناسب مصلحة الأمة، بما يتوافق مع أحكام ومبادئ الشريعة العامة”.

الوظيفة الأساسية للسياسة الشرعية هي حماية مصالح العباد والرعية، ومنع الفساد عنهم، من خلال التدابير التي يحددها الحاكم المسلم في الأمور التي لا يوجد فيها نص شرعي. وتكتسب السياسة الشرعية أهميتها من أهمية النظام السياسي ووجود الحاكم بين الناس.

مظاهر أهمية السياسة الشرعية

تتجلى أهمية السياسة الشرعية في عدة مجالات، منها:

  • الوظيفة الأساسية للسياسة الشرعية

تتمثل في حماية مقاصد الدين والضرورات الخمس، وهي حفظ الدين، وحفظ النفس، وحفظ العقل، وحفظ النسل، وحفظ المال. لذلك، فإن مهمة الحاكم هي تحقيق مقاصد الله من الأحكام الشرعية.

  • الارتقاء بالأمة

تعمل السياسة الشرعية على رفع مستوى الأمة إلى مراتب عالية من الرقي والتطور في مختلف المجالات، بما في ذلك السياسية، الاقتصادية، الأمنية، والاجتماعية.

  • حفظ المصالح وجلبها

تساعد السياسة الشرعية في تحقيق المصالح وتطويرها للأفضل، مع العمل على دفع المفاسد وسد الطرق المؤدية إليها.

  • مواجهة النوازل والمستجدات

تسهم السياسة الشرعية في التعامل مع التحديات التي تطرأ على الأمة في مختلف المجالات، من خلال تشريع الأحكام الشرعية المناسبة، التي تلتزم بمقاصد الشرع.

  • التكيف مع الواقع

تساعد السياسة الشرعية في التكيف مع الواقع بمرونة ودون تعطيل أحكام الله، وذلك وفق المنهج التشريعي الرباني، المعروف بروح الشريعة ومقاصدها العامة.

  • ضبط العلاقات الدولية

تعمل السياسة الشرعية على تنظيم العلاقة بين الدولة الإسلامية والدول الأخرى، وتنظيم علاقة الحاكم بالمحكوم بما يتماشى مع ما أراده الله، دون حدوث مضار أو فتن.

  • البحث عن البدائل المناسبة

تُعنى السياسة الشرعية بالبحث عن حلول مناسبة تُراعي واقع القضايا، وتشرع لها الأحكام التي تحقق غاياتها ومقاصدها.

  • حفظ هيبة الدولة

تعزز السياسة الشرعية من هيبة الدولة وقوتها، وتنمي روح العزة والكرامة في المجتمع، مما يؤدي إلى تصنيفها بين الدول المتقدمة.

نموذج سياسي يوضح أهمية السياسة الشرعية

على مر التاريخ، اتبع الحكام المسلمون سياسات شرعية كانت تهدف إلى الحفاظ على أحكام الدين ومصالحه. ومن الأمثلة البارزة، قيام أمير المؤمنين عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- بتعديل سياسة دفع الخراج والجزية لتتناسب مع عدالة الإسلام وتسامحه، حيث رفض استمرار فرض نفس المقدار من الجزية والخراج.

بدلاً من ذلك، قام بتحديد الجزية وفقاً لقدرة الناس على دفعها، حيث كانت تُفرض في البداية للإذلال وكتأكيد السيطرة للدولة الإسلامية، ولكن لاحقاً أصبح أخذها من دافعي الجزية بمثابة الدفاع عنهم، كبديل لتأمين الأمن والدفاع لهم.

أما عن الخراج، فقد كان له نسبة خاصة تسببت في شعور بعض الناس بالظلم، فنظم عمر بن الخطاب ذلك بناءً على وفرة الإنتاج من الأراضي، مما يعكس العدالة الإسلامية ويُحسن من سمعة الإسلام، مما أدى لاحقاً إلى دخول الكثيرين في هذا الدين برغبة وحب، دون إكراه أو جبر.