الأمن الغذائي
يعرف الأمن الغذائي المطلق بأنه قدرة الدولة على إنتاج الغذاء بكمية تفوق أو تتماشى مع احتياجات سكانها المحليين. وعلى الجانب الآخر، يُشير الأمن الغذائي النسبي إلى قدرة دولة أو مجموعة من الدول على توفير المنتجات الغذائية بشكل كامل أو جزئي. ففي حالة الأمن الغذائي المطلق، يكون الوضع موازياً لحالة الاكتفاء الغذائي، بينما يُعنى الأمن الغذائي النسبي بضمان وجود حد أدنى من المواد الغذائية اللازمة لتلبية احتياجات المجتمع وتوفيرها بشكل كامل أو جزئي.
وفقاً لتعريف منظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة، يُعتبر الأمن الغذائي هو حصول كل فرد من أفراد المجتمع على احتياجاته من الغذاء الصحي والعالي الجودة بشكل مستقر، مما يمكّنه من الحفاظ على حياة صحية. كما تُحدد منظمة الصحة العالمية الشروط الضرورية للأمن الغذائي، والتي تشمل توافر عدد من المعايير الهامة لضمان إنتاج، وتصنيع، وإعداد وتوزيع الأغذية الآمنة والصحية المناسبة للاستهلاك البشري.
أهمية الأمن الغذائي لدول العالم الثالث
تسعى استراتيجيات الأمن الغذائي في دول العالم الثالث إلى زيادة الجهود الزراعية لتحسين القدرة على المنافسة والإنتاج بهدف تحقيق الاكتفاء في استهلاك المواد الغذائية. وتبرز أهمية الأمن الغذائي في هذه الدول من عدة زوايا، تشمل:
- تشجيع الاستثمارات التي تسهم في توفير دخل إضافي للأسر، مما يعزز استهلاك الغذاء.
- تؤدي الهجرة من الريف إلى المدن إلى زيادة استهلاك الأغذية بفضل توفر فرص العمل، مما يسهل الحصول على الغذاء.
- يشهد عدد السكان في دول العالم الثالث زيادة مستمرة، مما يتطلب من الدول توفير مزيد من الغذاء لمواكبة الطلب المتزايد وحماية نفسها من نقص المواد الغذائية.
- تحسين فعالية الإنتاج الزراعي من خلال اعتماد الآلات والتقنيات الحديثة، بهدف تعزيز القدرة التنافسية للزراعة في هذه الدول وتقليل الاعتماد على الواردات.
- رفع مستوى المعيشة للقاطنين في المناطق الريفية عن طريق دعم المرأة الريفية في مشاريع التنمية الزراعية أو زيادة العائد الاقتصادي.
مكونات الأمن الغذائي
يعتبر الأمن الغذائي أحد المكونات الأساسية في برنامج التغذية الإقليمي، ويتكون من عدة عناصر رئيسية، تتلخص في:
- التوافر: يشير إلى وجود كمية كافية من الغذاء لتلبية الاحتياجات المحلية، مع الاعتماد على الاستيراد أو المساعدات الغذائية بشكل منتظم.
- الإتاحة: تتعلق بوجود موارد أو دخل كافٍ للحصول على الغذاء، سواء من خلال المساعدات الغذائية، أو الإنتاج المنزلي، أو التبرعات.
- الاستخدام: يتطلب استخدام الغذاء بشكل مناسب، من خلال التخزين السليم وتطبيق الممارسات الغذائية الصحية والاهتمام بالصحة العامة والبيئية.
- الثبات: يجب ضمان توافر الغذاء في كل الأوقات، بما في ذلك الأوقات الطارئة.
أبعاد مفهوم الأمن الغذائي
يتضمن مفهوم الأمن الغذائي العديد من الأبعاد المتنوعة، أهمها:
- البعد الأخلاقي: يتعلق هذا البعد بحقوق الإنسان الحالية والمستقبلية، حيث أن الغذاء يعد عنصراً أساسياً في الحياة. ومن أهداف هذا البعد:
- توفير قيم العدالة، والذي يعني ضرورة حق الإنسان في الحصول على الغذاء بغض النظر عن الدين أو الطبقة الاجتماعية.
- تجنب التبعية الغذائية، حيث يمكن أن تؤدي إلى تبعيات سياسية.
- تعزيز مفهوم الاستهلاك الوطني لحماية الأفراد من الاستغلال.
- مقاومة الظواهر الاقتصادية التي تهدد الأمن الغذائي مثل الاحتكار والغش.
- مراقبة الدعاية المتحيزة للأغذية عبر وسائل الإعلام.
- البعد الاجتماعي: يتأثر هذا البعد بالعناصر الاجتماعية المختلفة، ومنها:
- التحكم في الزيادة السكانية من خلال التخطيط السكاني.
- تقييم مستوى تطور السكان من خلال الراحة النفسية للعائلة.
- تحقيق التكافؤ بين الزوجين لضمان حياة أفضل للأبناء.
- التنقل الجماعي في المجتمع، بما في ذلك الهجرة وتأثيرها على استقرار الأمن الغذائي.
- البعد الاقتصادي: يسهم هذا البعد في ضمان الأمن الغذائي من خلال توفر عناصر متعددة مثل الموارد الطبيعية والخدمات وتطور الصناعة. ومن أهم جوانبه:
- المحافظة على توازن بين القدرة على شراء الغذاء والاستهلاك.
- تطوير الاستثمار وزيادة الدخل.
- تحسين القوانين المتعلقة بالاستيراد والتصدير على المستويين المحلي والدولي.
- إطلاق برامج وقائية لمواجهة مشكلات التجارة الزراعية والتنافس الخارجي، مع محاربة التهريب.
- البعد السياسي: يتعلق بدور الدولة في دعم السياسات والبرامج المتصلة بالأمن الغذائي، وذلك عبر بناء برامج التنمية الشاملة في القطاعات الاجتماعية والاقتصادية المختلفة، مع التركيز على تنسيق العلاقات بينها، وضمان استراتيجية الأمن الغذائي اللازمة لحماية حياة المهتمين بهذا الميدان.