دور حاسة الشم في حياة الكائنات الحية
تعتبر حاسة الشم من الحواس الأساسية لدى الكائنات الحية، إذ تتيح لها التعرف على البيئة المحيطة بها عبر الروائح. تلعب هذه الحاسة دوراً مهماً في كيفية تفاعل الكائنات مع المؤثرات الخارجية؛ على سبيل المثال، يستطيع الإنسان أن يستشعر رائحة الحريق قبل أن يراها، كما يتمكن من تمييز الطعام الفاسد قبل تذوقه.
يكتسب دور حاسة الشم طابعاً اجتماعياً وعاطفياً؛ حيث تساعد الروائح الكائنات في تحديد مصادر الغذاء، والشركاء المحتملين للتزاوج، وأيضاً التعرف على المخاطر والأعداء. تستخدم الحيوانات مواد كيميائية تسمى الفرمونات للتواصل، والتي يتم التعرف عليها من خلال العضو الميكعي الأنفي (Vomeronasal organ). تلعب الفرمونات دوراً مهماً في السلوك الجنسي للعديد من الأنواع، ولكن تبرز أهميتها بشكل خاص لدى الحشرات والثعابين والقوارض. يوجد هذا العضو أيضاً في أجنة البشر، لكن لم يثبت وجوده لدى البالغين بعد.
دور حاسة الشم لدى الإنسان
ترتبط حاسة الشم لدى البشر ارتباطاً وثيقاً بحاسة التذوق، حيث يسهم الإحساس بالروائح في التمييز بين النكهات المختلفة في الطعام. كما أن الروائح لها تأثير كبير على الذاكرة والمزاج والسلوك لدى الإنسان، ففي الجهاز الحوفي للدّماغ (Limbic System) توجد البصلة الشمية (Olfactory bulb) المسؤولة عن الإحساس بالروائح، وهي المنطقة المعنية بالوظائف العاطفية والذاكرة. لذا، كثيراً ما تؤدي الروائح إلى استحضار الذكريات، وتؤثر في الحالة المزاجية للأفراد وأدائهم في العمل.
عند استنشاق الإنسان لرائحة جديدة، يقوم الدماغ بربطها مباشرة بحدث، أو شخص، أو مكان معين، وعند التعرض لتلك الرائحة مرة أخرى يتم استدعاء هذا الربط لاستحضار ذاكرة معينة أو مزاج. قد يشعر بعض الأشخاص بالنفور من رائحة معينة، لأن تلك الرائحة تثير ذكريات غير مريحة، حتى وإن لم يكونوا واعين لسبب ذلك. غالباً ما تتشكل هذه الروابط خلال مرحلة الجنين، لذا نجد أن بعض الأطفال يشعرون بالراحة تجاه روائح معينة مثل الثوم والدخان، بينما قد تثير انزعاج آخرين بسبب تعودهم عليها منذ فترة الجنين.
آلية الإحساس بالشم
يستطيع الإنسان التمييز بين الروائح بفضل المستقبلات الشمية الموجودة في الخلايا العصبية الحسية الشمية الموجودة في الظّهارة الشمية أو النسيج الطلائي الشمي (Olfactory epithelium) داخل الأنف. تقوم هذه المستقبلات باستقبال جزيئات الروائح، وتوليد إشارات عصبية تُرسل إلى البصلة الشمية في الدماغ، ومن ثم إلى قشرة الدماغ الشمية (Olfactory brain cortex) حيث يتم تفسير المعلومات الشمية إلى الروائح المختلفة.