أهمية فهم أسماء الله الحسنى ومكانتها في الحياة الروحية

أهمية التعرف على أسماء الله الحسنى

إن معرفة العبد بربه -سبحانه وتعالى- وفهمه لصفات الله وأسمائه الحسنى تعتبران من الأمور الجوهرية في حياة المسلم، وذلك للأسباب التالية:

  • تعد مرجعية أساسية للإيمان، فهي محور الاعتقاد كما ترتبط ارتباطًا وثيقًا بالتوحيد؛ إذ يستلزم الإيمان وجود معرفة بالله، وهذه المعرفة تتحقق من خلال التعرف على صفاته وأسمائه. ومن هنا، يُقسم التوحيد إلى ثلاثة أنواع رئيسية: توحيد الألوهية، وتوحيد الربوبية، وتوحيد الأسماء والصفات. وقد كانت سورة الفاتحة أعظم السور القرآنية لاحتوائها على هذه الأنواع الثلاثة من التوحيد.

لذا، فإن كل صفحة أو سورة في القرآن تحتوي على وصف لله تعالى أو ذكر لأحد أسمائه؛ لكي يتسنى للناس التعرف على خالقهم بشكل دائم. كما قال ابن تيمية -رحمه الله-: “القرآن يحتوي على ذكر أسماء الله وصفاته وأفعاله أكثر مما يحتويه من ذِكر الطعام والشراب والنكاح في الجنة، وآيات أسماء الله وصفاته أعظم شأنًا من آيات المعاد.”

  • فهم أسماء الله -تعالى- يُعتبر السبيل الأسمى لتعظيم الله حق التعظيم. وهذا يعكس تمام الإيمان ويحقق العبودية لله -تعالى- وعبادته كما ينبغي. فإذا أدرك العبد أن الله هو الرزاق، اعتمد عليه في طلب الرزق. وإذا علم أن الله لطيف خبير، ازداد إيمانه بالطاعة والرضا بقضاء الله. وكذلك، فإن إدراك عظمة الله الشديدة الحساب والخوف منه يُدخل الطمأنينة إلى قلب المؤمن، مما يعزز تعظيمه لله -تعالى-.
  • تجعل معرفة أسماء الله -تعالى- المسلم يشعر بالقوة والسكينة، حيث تعبر هذه الأسماء عن معانٍ سامية ترتقي بالمؤمن وتجعله في مأمن من الخوف، مما يتيح له العيش حياة إيجابية. وهذا كله يأتي نتيجة لإيمان العبد ومعرفته بأسماء الله الحسنى.

على سبيل المثال، فإن أسماء الله -تعالى- مثل الحكيم، والمؤخر، والمقدم، والمانع، والمعطي، تُحسن من مزاج المسلم وتجعله راضيًا بمسار حياته، حيث يدرك أن كل الأمور بيد من لا يخيب فيه الظن. وبالتالي، يستشعر الحكمة في كل ما يحدث حوله، ويفهم أن ما يؤخره الله خير من تقديمه، وما يمنعه هو في حقيقته عطاءٌ، وما يعطى هو كرمٌ.

  • تعتبر معرفة أسماء الله الحسنى من أبرز السبل لاستجابة الدعاء. قال الله -تعالى-: (وَلِلَّـهِ الأَسماءُ الحُسنى فَادعوهُ بِها وَذَرُوا الَّذينَ يُلحِدونَ في أَسمائِهِ سَيُجزَونَ ما كانوا يَعمَلونَ). فالدعاء بأسماء الله الحسنى يقرب العبد للإجابة، ويزيد من خضوعه وافتقاره لربه. فهو يسأل الله الرزق باسمه الرزاق، ويطلب اللطف باسمه اللطيف، ويستغيث به للجبر باسمه الجبار.

المقصد من توحيد الأسماء والصفات

المقصود بتوحيد الأسماء والصفات هو “إفراد الله بأسمائه الحسنى وصفاته العلى الواردة في القرآن والسنة، والإيمان بمعانيها وأحكامها”. لذا، فإن الإيمان بأسماء الله الحسنى يتطلب فهم معانيها والدعاء بها.

أسماء الله الحسنى توقيفية

ومن الأمور الواجب معرفتها أن صفات الله -تعالى- وأسمائه الحسنى توقيفية، لا مجال للاجتهاد فيها؛ إذ يجب علينا أخذ أسماء الله الحسنى من القرآن أو السنة، وعدم ابتكار أسماء جديدة. لذا، ما ثبت في كتاب الله وسنة نبيه من أسماء الله يجب الإيمان به والعمل وفقه، بينما ما لم يثبت من هذه الأسماء لا يُعدّ من أسماء الله الحسنى.