دور الأردن في فترة المماليك
تُعتبر الأردن من المناطق ذات الأهمية التاريخية الكبيرة، حيث احتضنت العديد من الحضارات المختلفة التي لا تزال آثارها موجودة حتى يومنا هذا. كان للمماليك دور بارز في تعزيز المعالم الحضارية بالأردن، حيث عملوا على تقوية وتحصين القلاع وإرسال الجنود إليها، كما كانت الأردن نقطة التقاء لطرق الحج من بلاد الشام والمغرب.
أوجه اهتمام المماليك بالأردن
ارتفعت وتيرة اهتمام المماليك بالأردن حيث قاموا بتنفيذ العديد من المشاريع، من أبرزها:
- توفير الأمن والخدمات للقوافل العابرة.
- إنشاء محطات لاستراحة القوافل.
- تجهيز الخانات بمرافق لتجميع المياه وتخزينها.
- بناء القلاع ومرافقها.
- تعزيز التجارة الداخلية والخارجية.
- إنشاء مناطق لجمع المكوس في جنوب الأردن.
الحياة الاقتصادية في الأردن خلال العصر المملوكي
كانت منطقة الأردن حلقة وصل لنقل التأثيرات الحضارية عبر العصور، ما ساهم في جعلها هدفًا رئيسيًا لاهتمام سلاطين المماليك. حيث أُقيمت محطات استراحة للحجيج والقوافل التجارية، ومن أهم مظاهر النظام الاقتصادي في تلك الفترة:
- العملة المتداولة
تم استخدام الدينار والدرهم المملوكي كعملات متداولة في العصر المملوكي، وقد تم العثور على عددٍ من الدراهم في منطقتي الكرك وحسبان. وقد أُسست دار سكة لإصدار الدنانير خلال حكم الملك الناصر أحمد بن قلاوون.
- الصناعة
أولى المماليك اهتمامًا خاصًا بالقطاعات الصناعية في الأردن، مستفيدين من وفرة المواد الخام عالية الجودة. وكانت صناعة السكر من أبرز هذه الصناعات، حيث بلغت ذروتها في تلك الفترة، وتم إنشاء معاصر السكر في جميع أنحاء الأغوار، وحققت هذه المنطقة شهرة كبيرة بسبب نقاء السكر الذي انتشر إلى الأسواق الأوروبية، حيث احتكر سلاطين المماليك هذه التجارة متحكمين في سعره وتسويقه.
- الزراعة
تتميز شرقي الأردن بكثافة أشجار الزيتون التي تشكل أحد الموارد الاقتصادية المهمة. انتشرت المعاصر في كافة أنحاء المملكة، وسجل زيت الزيتون الأردني سمعة جودته العالية، حتى أن سلاطين المماليك كانوا يتبادلونها كهدية مع الملوك المعاصرين، مثل هدية السلطان جقمق إلى ملك الحبشة. لكن مع ذلك، عانت الزراعة من الكوارث الطبيعية، مثل السيول في عام 728 هـ التي أثرت بشكل كبير على المناطق الزراعية، حيث تقدر خسائر القطاع الزراعي بنحو 270 ألف درهم. كما كان للجفاف الناتج عن الجراد تأثير سلبي على محاصيل الشعير في الكرك والشام.
- صناعة الأسلحة
احتوت قلعة الكرك خلال فترة المماليك على قاعات مخصصة لصناعة الأسلحة، بما في ذلك السيوف والأقواس العربية.
- التعدين
توفر في شرقي الأردن مواد معدنية متنوعة، استغلها أهل البلاد في مجالات الصناعة المدنية والحربية. ومن أبرز المعادن المستخرجة الحديد في مناطق عجلون والأغوار، بالإضافة إلى الكبريت الموجود بكثرة في غور الأردن الشمالي.
الحياة العلمية في الأردن خلال فترة المماليك
شهدت الحركة العلمية والثقافية في الأردن تطورًا ملحوظًا مع بداية حقبة المماليك، حيث أصبحت المدن والقرى مراكز للإشعاع العلمي. وقد برز العديد من الفقهاء والعلماء من شرق الأردن، الذين كانوا على تواصل مع علماء دمشق والقاهرة.
ويُعد علماء عجلون من عائلة الباعوني من بين الأبرز، إضافة إلى أن الكرك أصبحت مركزًا ثقافيًا يجذب طلاب العلم للتعلم على أيدي مشايخها. وبرز الفقيه أحمد بن محمد بن العطار كأحد الشخصيات المعروفة، إذ تقلد منصب القضاء في القاهرة ودمشق أثناء حكم السلطان الملك الظاهر برقوق، وكان بين القضاة الذين من أصل أردني.
الآثار الدينية والمدنية والحربية في الأردن من فترة المماليك
تعتبر منطقة شرقي الأردن غنية بالمنشآت الدينية والمدنية والحربية التي تعود إلى العصر المملوكي، لكن ما تبقى منها قليل، ومن أبرز هذه الآثار:
- المسجد الجامع في عجلون
أُسس هذا المسجد بأمر من الملك الصالح نجم الدين أيوب ويُعتبر من أقدم المساجد الجامعية المتبقية في الأردن.
- الخانات
أسهمت الخانات في تسهيل حركة التجارة بين الجنوب العربي ومصر وبلاد الشام، حيث تم إنشاء العديد منها على طول الطرق المؤدية إلى مصر وشمالي البلاد، تعد الخانات بمثابة فنادق للقوافل التجارية، مثل خان العقبة وخان الحسا.
- القلاع
تُعتبر قلعة الشوبك أحد الآثار الحربية البارزة في عهد المماليك، وتقع جنوب الأردن عند تقاطع طرق بين الكرك والبتراء. تميزت بموقعها الاستراتيجي على قمة جبل محاط بالأودية. وقد حظيت هذه القلعة بعناية خاصة من قبل المماليك، وخاصة خلال حكم السلطان الظاهر بيبرس، كما كان للقلعة الكرك نصيب من هذا الاهتمام، إذ تحيط بها الأبراج العالية وقد أولى السلطان الظاهر بيبرس لها رعاية خاصة.