أهمية وأهداف نظرية الذكاءات المتعددة

مفهوم نظرية الذكاءات المتعددة

تعتبر نظرية الذكاءات المتعددة، التي وضعها عالم النفس هارفا جاردنر (بالإنجليزية: Multiple Intelligence – MI)، مفهومًا يعرّف الذكاء على أنه مجموعة متنوعة من القدرات التي تعكس البراعة العامة للطالب. يُعتبر الذكاء لدى جاردنر مجموعات من المهارات التي تشكل قدرة الفرد على مواجهة التحديات وحل المشكلات. بالإضافة إلى ذلك، يشير جاردنر إلى أن الذكاءات تتجاوز مجرد المهارات المعرفية لتشمل القدرة على تطوير مهارات جديدة وإنتاج ما يُقدّر في المجتمعات. كما يبرز أن الذكاء ليس مقتصرًا على بُعد واحد، مما يعني أن كل فرد يتسم بنوع خاص من الذكاء. وقد بدأ جاردنر بتحديد سبعة أنواع من الذكاء، لكن احصائيات عام 2005 أشارت إلى وجود 72 نوعًا متنوعًا.

أهداف نظرية الذكاءات المتعددة

تستهدف نظرية الذكاءات المتعددة تحقيق مجموعة من الأهداف الأساسية، منها:

  • تعزيز التنمية الذاتية من خلال توجيه الطلاب نحو الاستفادة من نقاط قوتهم في التعلم.
  • تصميم الدروس التعليمية لتشمل أنواع متعددة من الذكاء.
  • إيلاء أهمية للقيم الأخلاقية في العملية التعليمية.
  • تقديم تقييم أكثر عدالة للطلاب.

فوائد نظرية الذكاءات المتعددة

تتمتع نظرية الذكاءات المتعددة بعدة فوائد، منها:

تعزيز التنمية الذاتية

تساعد نظرية الذكاءات المتعددة الطلاب والمعلمين على فهم قدرتهم بشكل أعمق، كما تعزز من ثقة الطلاب بأنفسهم من خلال توضيح كيفية استخدام نقاط القوة لديهم للتغلب على نقاط الضعف. إذ تشجعهم على اكتشاف مجالات اهتمامهم وتحفيزهم على تطوير مهاراتهم بشكلٍ أكبر. تعد نظرية الذكاءات المتعددة فعّالة في تعزيز فهم الطلاب لأساليب تعلمهم بشكل أفضل.

في الأنظمة التعليمية التقليدية، غالبًا ما يتم اعتماد أسلوب تدريس وحيد يتناسب مع المتعلمين الذين يمتلكون ذكاءً لغويًا عاليًا (مثل القراءة والكتابة). ومع ذلك، من خلال مساعدة المتعلمين على تحديد نوع الذكاء الذي يميلون إليه، يمكنهم تكييف المحتوى التعليمي ليناسب أسلوب التعلم الفريد الخاص بهم. على سبيل المثال، قد يقوم الطلاب الذين يمتلكون ذكاءً موسيقيًا باستخدام الأغاني كوسيلة للدراسة، بينما يمكن للطلاب الذين يبرزون ذكاءً بصريًا مكانيًا استخدام الرسوم التوضيحية لتسهيل فهم المفاهيم.

تصميم الدروس لتشمل جميع أنواع الذكاء

لكل نوع من أنواع الذكاء أهمية في حياة الفرد، لذا يجب على المعلمين الاهتمام بجميع أنواع الذكاء وليس التركيز فقط على الأنواع التقليدية. تعد نظرية الذكاءات المتعددة مناسبة للتعلم المتمايز والفردي، حيث توفر للمعلمين الفرصة لتطوير برامج تعليمية جديدة ومرنة تلبي احتياجات الطلاب بشكل أفضل. كما يمكن إعادة تصميم المناهج الدراسية القديمة لتتناسب مع هذه المتطلبات، ما يسمح بإدراج مجموعة متنوعة من الأنشطة التي تحفز وتستقطب المتعلمين.

مثلاً، أثناء تعليم موضوع الحرب الثورية، يمكن للمعلم استخدام خرائط المعارك وتشغيل الأغاني الثورية وتنظيم مسرحية لتوقيع إعلان الاستقلال. هذا الأسلوب لا يعزز التعلم فحسب، بل يُمكّن المعلم أيضًا من تقديم المحتوى التعليمي بطرق متنوعة، مما يساهم في تحقيق فهم أعمق للمادة.

الاهتمام بالذكاء الأخلاقي

كان لدى جاردنر الرغبة في إضافة مفهوم “الذكاء الأخلاقي” إلى نظرية الذكاءات المتعددة، لكنه أدرك أن مفهوم الأخلاق معقد وي связан بعدة جوانب نفسية مثل الشخصية والإرادة. لذلك، اعتبر الأخلاق ليست نوعًا من الذكاء بحد ذاتها، ولكنه أكد على أهمية فهم كيفية تفاعل الذكاء والأخلاق في تشكيل عالم يتطلع الكثيرون للعيش فيه.

تقديم تقييم أكثر إنصافًا للطلاب

بينما يركز التعليم التقليدي على أهمية تنمية الذكاء الرياضي واللغوي، مما يجعل نجاح الطلاب يعتمد على المهارات التي تقاس بناءً على هذين النوعين فقط، ترى نظرية الذكاءات المتعددة أن هذا النهج ينطوي على انحياز وعدم توازن. على سبيل المثال، قد يتم تجاهل الذكاءات الموسيقية العالية لتصنيف الطلاب في فصول التربية الخاصة بسبب ضعف أدائهم في الرياضيات أو اللغة.

لذا، ينبغي أن نسعى لتقييم احتياجات تعلم طلابنا بطرق تعكس نقاط الضعف والقوة لديهم. فكل طفل يتعلم بشكل مختلف، ولذا لا يمكن تقييمهم بنفس الطريقة. من المهم أن يُعد المعلم “ملف تعريف الذكاء” لكل طالب، موضحًا كيفية تعلمه، وهذا سيساعد في تحديد استراتيجيات التقييم المناسبة. كما ستكون الأساليب الفردية التي يتبعها المعلم في التقييم أداة فعالة لمتابعة تقدم الطفل واتخاذ القرارات التعليمية الصائبة.