مخاوف يوم القيامة كما وردت في سورة الكهف
تتناول سورة الكهف موضوع يوم القيامة في ثلاثة مواضع بارزة، وسنستعرض هذه المواضع مع توضيح معانيها فيما يلي:
الآيات من (47 إلى 49)
قال الله -سبحانه وتعالى-: (وَيَومَ نُسَيِّرُ الجِبالَ وَتَرَى الأَرضَ بارِزَةً وَحَشَرناهُم فَلَم نُغادِر مِنهُم أَحَدًا* وَعُرِضوا عَلى رَبِّكَ صَفًّا لَقَد جِئتُمونا كَما خَلَقناكُم أَوَّلَ مَرَّةٍ بَل زَعَمتُم أَلَّن نَجعَلَ لَكُم مَوعِدًا* وَوُضِعَ الكِتابُ فَتَرَى المُجرِمينَ مُشفِقينَ مِمّا فيهِ وَيَقولونَ يا وَيلَتَنا مالِ هـذَا الكِتابِ لا يُغادِرُ صَغيرَةً وَلا كَبيرَةً إِلّا أَحصاها وَوَجَدوا ما عَمِلوا حاضِرًا وَلا يَظلِمُ رَبُّكَ أَحَدًا).
تظهر هذه الآيات الكريمة قدرة الله -عز وجل- العظيمة حين يقتلع الجبال من أماكنها، ما يجعلها كالصوف المنفوش، كما تم توضيحه في آيات أخرى في سورة القارعة. ستمتد الأرض بشكل مسطح، بحيث لا تبقى فيها جبال أو تلال أو أي عائق يغطي معالمها. ثم سيجمع الله -سبحانه- جميع الخلائق: الإنس والجن والوحوش والدواب.
ستخضع تلك الخلائق لله -سبحانه وتعالى- في صفوف وهي مستعدة للحساب، حيث سيقضي الله -عز وجل- بينهم في هذا اليوم الذي أنكره الكافرون. كما خلقهم في المرة الأولى، فهو قادر على إحيائهم مرة أخرى. بعد ذلك، ستوضع الكتب التي تم تسجيل أعمالهم فيها، وسينتابهم الخوف والرعب من إحصاء أعمالهم، صغيرها وكبيرها. لكن الله -سبحانه وتعالى- لن يظلمهم، بل سيجري عليهم الحساب بعدل مطلق.
الآيات من (52 إلى 53)
قال الله -سبحانه وتعالى-: (وَيَومَ يَقولُ نادوا شُرَكائِيَ الَّذينَ زَعَمتُم فَدَعَوهُم فَلَم يَستَجيبوا لَهُم وَجَعَلنا بَينَهُم مَوبِقًا* وَرَأَى المُجرِمونَ النّارَ فَظَنّوا أَنَّهُم مُواقِعوها وَلَم يَجِدوا عَنها مَصرِفًا).
تصف هذه الآيات الكريمة مشهداً من أحداث يوم القيامة، حيث يتحدث الله -سبحانه وتعالى- إلى الكافرين معاتباً لهم، مطالباً إياهم أن يقوموا بنداء آلهتهم المزعومة على أمل إنقاذهم مما هم فيه من عذاب. ولكن، عند دعوتهم، لن يجدوا ردًا ولا نفعًا من تلك الآلهة.
وقد جعل الله -سبحانه وتعالى- بين المشركين وآلهتهم الباطلة مكانًا عميقًا ومُهلكًا، وهو النار أو وادٍ في جهنم. وعندما يراها المجرمون، يتأكدون من أنهم واقعون فيها لا محالة، وأنه لن يجدوا مفرًّا منها ولا مكانًا ينقذهم.
الآيات من (105 إلى 106)
قال الله -تعالى-: (أُولـئِكَ الَّذينَ كَفَروا بِآياتِ رَبِّهِم وَلِقائِهِ فَحَبِطَت أَعمالُهُم فَلا نُقيمُ لَهُم يَومَ القِيامَةِ وَزنًا* ذلِكَ جَزاؤُهُم جَهَنَّمُ بِما كَفَروا وَاتَّخَذوا آياتي وَرُسُلي هُزُوًا).
توضح هذه الآيات الكريمة أن الذين كفروا بآيات الله -سبحانه وتعالى- وبالبعث ستبطل أعمالهم ولن تُقبل، ولن يكون لهم وزن أو قيمة أو مكانة. وقد جاء في الحديث الصحيح: (إنَّه لَيَأْتي الرَّجُلُ العَظِيمُ السَّمِينُ يَومَ القِيامَةِ، لا يَزِنُ عِنْدَ اللهِ جَناحَ بَعُوضَةٍ)، ويرجع ذلك إلى كفرهم وعنادهم واستهزائهم بالرسل وآيات الله.