سكة ستوكتون ودارلنجتون: الريادة في تاريخ السكك الحديدية
تُعتبر سكة ستوكتون ودارلنجتون في إنجلترا السكة الحديدية الأولى على مستوى العالم، حيث تم تطوير فكرة استخدام الجر البخاري لنقل البضائع والركاب على يد المهندس جورج ستيفنسون في عام 1821. قام ستيفنسون ببناء مجموعة من المحركات البخارية في منجم كلينغورث، وقدم اقتراحاً لاستخدام الجر بالبخار بدلاً من الجر باستخدام الأحصنة إلى إدوار بيس، الذي كان في صدد إنشاء خط سكة بطول 12.9 كيلومتر يربط بين ستوكتون ودارلنجتون لاستغلال الموارد الغنية بالفحم في المنطقة. أعرب ستيفنسون عن قدرة محرك البخار على جر حمولة تصل إلى حوالي 50 ضعفاً مقارنة بالأحصنة، مما أثار إعجاب بيس، الذي وافق على تدشين المشروع بالتعاون مع ستيفنسون.
تطور السكك الحديدية
ساهم ظهور السكك الحديدية بشكل كبير في دفع عجلة الثورة الصناعية. وقد شهدت السكك الحديدية تقدمًا ملحوظًا عبر القرون. حيث تم تدشين أول سكة حديد خاصة بنقل الركاب في عام 1830، وهي سكة ليفربول ومانشستر، التي اعتمدت على فكرة ستيفنسون لاستخدام الجر بالبخار. أما في الولايات المتحدة الأمريكية، فقد ظهرت قاطرة “توم ثومب” كأول قاطرة بخارية يتم تصنيعها محليًا في عام 1830، وجاء إنشاء السكك الحديدية العابرة للقارات في عام 1869، عندما التقى خط سكك اتحاد المحيط الهادئ القادم من نبراسكا مع خط سكك وسط المحيط الهادئ من ولاية كاليفورنيا.
تُعتبر سكة حديد المدينة وسكة حديد جنوب لندن، التي تم افتتاحها عام 1890، هي الأولى من نوعها تحت الأرض لنقل الركاب. تستخدم العديد من الدول اليوم قطارات تعمل بالكهرباء أو الديزل، أو تقنيات الديزل الكهربائي، رغم استمرار استخدام بعض القطارات البخارية. من بين الابتكارات الحديثة في هذا المجال نجد القطارات عالية السرعة، مثل القطار الرصاصة الياباني وقطار “غرين فيتيس” الفرنسي، الذي يصل إلى سرعة متوسطة تبلغ 300 كم/ساعة. وتستفيد قطارات المغناطيسية فائقة السرعة من القوة المغناطيسية لتمكينها من التحرك على السكك الموجهة، مما يقلل من الاحتكاك بين القطار والسكة ويزيد من سرعته.
تاريخ السكك الحديدية القديمة
ترجع أقدم أشكال السكك الحديدية إلى حوالي 600 قبل الميلاد، عندما قام الإغريق بإنشاء أخاديد في الطرق الجيرية المعبدة لتسهيل حركة المركبات ذات العجلات، مما ساهم في نقل القوارب عبر برزخ كورينث. لكن مع سقوط اليونان تحت سيطرة روما عام 146 قبل الميلاد، تدمّرت هذه الطرق واختفت لفترة طويلة تجاوزت 1400 سنة. ومع بداية القرن السادس عشر، بدأت السكك الحديدية بالظهور مجددًا، وقد تطورت بشكل كبير بعد اختراع قاطرة البخار بعد ثلاثة قرون، مما غير وسائل النقل بشكل جذري في جميع أنحاء العالم.