السورة الأولى التي نزلت على الرسول
السورة الأولى التي نزلت كاملة على الرسول
تباينت وجهات نظر العلماء حول تحديد السورة الأولى التي نزلت كاملة على رسول الله -صلى الله عليه وسلم-؛ فقد رجح الإمام السيوطي -رحمه الله- في كتابه “الإتقان” أن سورة المدثر هي أولى السور في القرآن التي نزلت. حيث ذكر: “يمكن الجمع بين الأحاديث الواردة في هذا الشأن، بأن تكون سورة المدثر نزلت كاملة قبل نزول سورة العلق، التي تعدّ أول ما نزل منها في بدايتها”.
وفي المقابل، أشار القاضي أبو بكر إلى أن سورة الفاتحة هي أول سورة نزلت كاملة، إذ قال: “هذا الخبر غير موصول، والثابت من الأقوال هو ‘اقرأ باسم ربك’، يليها بوضوح ‘يا أيها المدثر'”. ويمكن الجمع بين الآراء في اعتبار أن بداية سورة العلق تمثل أول الآيات التي نزلت، بينما تعدّ بداية سورة المدثر أول ما نزل من أوامر الدعوة. وجاءت سورة الفاتحة كأول السور في ترتيب النزول.
السورة الأولى التي نزلت على الرسول في مكة المكرمة
نزلت آيات القرآن على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في مكة المكرمة، حيث بدأ الوحي بنزول سورة العلق. وقد أشار بعض العلماء، مثل الصحابي جابر بن عبدالله -رضي الله عنه- إلى أن سورة المدثر كانت أولى السور النازلة، ويمكن التكامل بين القولين على أن سورة العلق تمثل الوحي الأول، تبعتها سورة المدثر بعد فترة من انقطاع الوحي.
ويستدل على أن سورة العلق هي أول ما نزل من القرآن بحديث أخرجه الإمام البخاري عن أم المؤمنين عائشة -رضي الله عنها- حيث قالت: “فجاءه الملك فقال: اقرأ، قال: ما أنا بقارئ، فأخذني فغطني حتى بلغ مني الجهد، ثم أرسلني، فقال: اقرأ، فقلت: ما أنا بقارئ، فأخذني فغطني الثانية”.
السورة الأولى التي نزلت على الرسول في المدينة المنورة
تُعتبر سورة البقرة أولى السور القرآنية التي نزلت على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في المدينة المنورة. ومن الجدير بالذكر أن سورة البقرة تعد من السور الطويلة، وقد لم تنزل دفعة واحدة، بل نزلت بشكل متفرق، وأيضاً بعض آياتها نزلت لأسباب معينة بينما بعض الآيات الأخرى نزلت بشكل مستقل.
استمر نزول سورة البقرة خلال فترة العهد المدني، وقد أوضح الإمام ابن حجر في شرحه على البخاري أن سورة البقرة هي أول ما نزل على الرسول في المدينة، بينما ذكر تفسير النسفي عن الواقدي أن سورة القدر هي الأولى، واتفقت آراء كل من مقاتل وابن عباس على أن سورة المطففين هي أول سورة نزلت في المدينة المنورة.
المكي والمدني من السور القرآنية
شهد الصحابة -رضي الله عنهم- نزول القرآن الكريم على النبي -صلى الله عليه وسلم-؛ لذلك كانوا الأكثر إلماماً بالمكي والمدني من السور القرآنية، وقد سار التابعون على نهجهم. ومن المهم الإشارة إلى أنه لم يُذكر عن النبي -عليه الصلاة والسلام- شيء يحدد الفروق بين المكي والمدني.
وقال الإمام الباقلاني في هذا الصدد: “إن معرفة المكي والمدني يُعتمد على ما حفظه الصحابة والتابعون، ولم يُنقل عن النبي عليه الصلاة والسلام أي قول في ذلك؛ لأنه لم يُؤمر به، ولم يجعل الله علم ذلك من فرائض الأمة، رغم أن بعضه يجب على أهل العلم معرفته من حيث النسخ والمنسوخ”.
يُعتمد في التفريق بين المكي والمدني على الزمن؛ فما نزل قبل الهجرة يُعتبر مكيًا، حتى إن نزل في أماكن أخرى. أما ما نزل بعد الهجرة، فيُعتبر مدنيًا، حتى لو نزل في أماكن أخرى.
في الختام، تختلف آراء العلماء حول أول سورة نزلت على النبي -صلى الله عليه وسلم-، فبعضهم يرى أن سورة العلق هي الأولى، بينما يرى آخرون أن سورة الفاتحة هي الأولى. يستعرض هذا المقال هذه الآراء مع أدلتها بتفصيل.