عباس بن فرناس: رائد الطيران في التاريخ
يُعتبر عباس بن فرناس الرائد الأول في تجارب الطيران، فقد كان عالماً، ومُخترعاً، وفيلسوفاً، وشاعراً بارزاً، وُلد في الأندلس عام 810 ميلادياً، وتحديداً في مدينة رندة. يعود أصله إلى موالي بني أمية، وقد عاش خلال فترة حكم الخليفة الأموي الحكم بن هشام، وعبد الرحمن الناصر لدين الله، ومحمد بن عبد الرحمن الأوسط في القرن التاسع الميلادي. توفي في مدينة قرطبة عام 878 ميلادياً. سنستعرض في هذا المقال أبرز محطات حياته وإنجازاته، بالإضافة إلى تكريمه.
حياة عباس بن فرناس
تميز ابن فرناس بكونه شاعراً لبيباً، حيث تمكن من فك كتاب العروض للفراهيدي وأبدع في الموسيقى، خصوصاً في العزف على آلة العود. بعد انتشار اختراعاته الفريدة، وقد اتهم بالزندقة والكفر، وعُرضت قضيته على أنظار العامة في المسجد الجامع. ورغم تلك المحاكمة، انتهت الأمور بإثبات براءته من التهم المنسوبة إليه، نتيجة للجهل والمبالغة في الاتهامات.
إنجازات عباس بن فرناس
ابتكر ابن فرناس العديد من الأدوات العلمية، من بينها الساعة المائية المعروفة باسم الميقاتة، واكتشف طريقة لصنع الزجاج الشفاف من الحجارة. كما قام بصناعة النظارات الطبية، والتي تتكون من حلقة تدور مع حركة الأجرام السماوية. في مجال الكتابة، يُنسب له ابتكار أول قلم حبر في التاريخ، الذي يعتمد على اسطوانة مرتبطة بحاوية صغيرة يتم من خلالها تدفق الحبر، إلى جانب حافة مُسننة تُستخدم للكتابة.
أسس ابن فرناس غرفة في منزله تشبه السماء، حيث يمكن للزوار رؤية السُحب، والنجوم، والبرق، والصواعق التي كان يتحكم فيها من خلال تقنيات تم تطويرها في معمله تحت منزله.
من أبرز إنجازاته كانت محاولته الطيران باستخدام جناحين، والتي تمت بالقرب من قصر الرصافة في مدينة بغداد. وقد تحدث عن تجربته هذه المؤرخون، حيث يُعتبر ابن فرناس أول من سعى لتحقيق حلم الطيران قبل إلمر المالمسبوري في بريطانيا، الذي حاول الطيران باستخدام طائرة شراعية دون أن يترك أي أثر موثق.
تكريم عباس بن فرناس
حظي ابن فرناس بتكريم حديث من خلال تسمية فوهة قمرية تكريماً له، بالإضافة إلى إنشاء تمثال له في مدينة بغداد يحمل العبارة: “أول طيار عربي وُلد في الأندلس”. كما أصدرت ليبيا طابعاً بريدياً يحمل اسمه، وتُسمى بعض المنشآت مثل فندق مطار طرابلس ومطار شمال بغداد باسمه. وفي الرابع عشر من يناير عام 2011، تم افتتاح جسر عباس بن فرناس في مدينة قرطبة، والذي يضم في وسطه تمثالاً له بأجنحة تمتد حتى نهايتي الجسر، وقد صممه المهندس خوسيه لويس مانثاناريس خابون.