أول من كتب القرآن من قريش
تصدّر عبد الله بن سعد بن أبي سرح العامري قائمة الكتاب الأوائل من قريش الذين كتبوا للوحي للنبي -صلى الله عليه وسلم- في مكة، لكنه ارتدّ عن الإسلام ثم عاد إلى اعتناق الدين الإسلامي يوم الفتح. تحسنت حالته بعد ذلك، ولم يُذكر عنه إلا الخير. وأسند إليه عثمان -رضي الله عنه- ولاية مصر، حيث شهدت فتحاً عظيماً في إفريقية تحت قيادته، ثم انتقل إلى فلسطين حيث وافته المنية.
ظهر الإسلام ليعزز جميع جوانب الحياة، بما في ذلك الكتابة، إذ كانت لها أهمية كبيرة في حفظ الوحي وتبليغ الرسالة إلى الملوك والعائلات. وقد أولى النبي -صلى الله عليه وسلم- الكتابة اهتماماً خاصاً، حيث جعل تعليم الكتابة للصبيان جزءاً من فدية الأسرى يوم بدر، مما يبرز أهمية التعليم ونشر ثقافة الكتابة.
أول من كتب القرآن من الأنصار
وفقاً لرواية أنس بن مالك -رضي الله عنه-، قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لأبَيٍّ: “إن الله عز وجل أمرني أن أقرأ عليك”. فسأله أبي: “ألهذا سمّاني الله؟” فأجابه الرسول: “نعم”. وبذلك أصبح أبي بن كعب -رضي الله عنه- هو أول من كتب للنبي -صلى الله عليه وسلم- في المدينة، قبل زيد بن ثابت. وعندما كان أبي مشغولاً، كان زيد يُدعى لكتابة الوحي إلى جانب أبي.
ينتمي أبي بن كعب بن قيس بن عبيد إلى بني النجار من قبيلة الخزرج، وقد شهد جميع الغزوات مع النبي -صلى الله عليه وسلم-. عمل أيضاً في الفتوى خلال فترة النبي، وكان من الذين جمعوا القرآن مع عثمان -رضي الله عنه-، وتوفي في المدينة.
كيف كانت كتابة القرآن في عهد النبي؟
كان للنبي -صلى الله عليه وسلم- اهتمام كبير بالقرآن. فقد كان يحرص على حفظه وتلاوته على الصحابة، ومن ثم يُحَفّظون ما سمعوه ويعلمونه لغيرهم. وقد كان النبي يأمر بكتابة القرآن، مما يعزز الحفظ بالتدوين. وقد وردت أحاديث تحث على أهمية كتابة القرآن. حيث قال النبي: “لا تكتبوا عني، ومن كتب عني غير القرآن فليمحُه، وحدّثوا عني ولا حرج”. ويعكس هذا الحديث حرص النبي على الكتابة وتوثيق القرآن.
أما بالنسبة للأدوات المستخدمة في كتابة القرآن خلال عهد النبي -صلى الله عليه وسلم-، فقد كان الصحابة يستخدمون كافة الوسائل النقية والطاهرة التي تسهل الكتابة. إليكم بعض الأدوات التي كانت تُستخدم:
- الكرانيف: مفردها كرنافة، وهي جزء غليظ من النخلة يُستخدم عندما يجف.
- العسف، والعسيب، والكرنب: أجزاء مختلفة من النخلة تُجفف وتستخدم للكتابة.
- الرقاع: مفردها رقعة، وهي مادة لينة تُستخدم للكتابة، مثل القماش والجلد.
- الأديم: جلود الحيوانات.
- الأكتاف: عظام الشاة أو البعير التي كانوا يكتبون عليها عند جفافها.
- الأقتاب: قطع الخشب المستخدمة لوضعها على ظهر الدواب.
- الأضلاع: أي عود أو عظم يمكن الكتابة عليه.
- اللخاف: قطع رقيقة من الحجارة.
كان الصحابة يستخدمون لكل أداة أسلوب كتابة يتناسب معها، مثل النقش أو استخدام الدواة والمداد. وقد ثبت عن النبي أنه قال: “ادعُ لي زيداً ليأتيني باللوح والدواة”.
أول من جمع القرآن
كان القرآن الكريم خلال فترة النبوة متفرقاً ما بين الرقاع والصحف. ومع تولي أبو بكر الصديق -رضي الله عنه- الحكم، بدأت تظهر فتن وارتدادات. وقد أدت الحروب إلى استشهاد عدد من حفاظ القرآن، مما أكّد الحاجة الملحة لجمعه في مصحف موحد.
عرض عمر بن الخطاب فكرة جمع القرآن على أبو بكر، وفي البداية كان أبو بكر متردداً خشية أن يفعل شيئاً لم يفعله رسول الله -صلى الله عليه وسلم-. ومع الاستشارة والمناقشة، قَبِل الفكرة، وأوكل المهمة إلى زيد بن ثابت، ليكون أبو بكر هو أول من جمع القرآن الكريم في مصحف.
ملخص المقال: اهتم النبي -صلى الله عليه وسلم- بالقرآن الكريم على الصعد الثلاثة: الحفظ، التطبيق، والكتابة. كان عبد الله بن أبي سرح أول من كتب في مكة، بينما كان أبي بن كعب أول كاتب في المدينة. جُمِع القرآن من خلال مجموعة أدوات متنوعة، واعتُمدت جهود أبو بكر الصديق لجمع القرآن في مصحف واحد بعد وفاة النبي.