أول من تسلق قمة إيفرست
تمكن المتسلق النيوزيلندي إدموند هيلاري (بالإنجليزية: Edmund Hillary) ومُرشده التبتي تينسينغ نورغاي (بالإنجليزية: Tenzing Norgay) من الوصول إلى قمة إيفرست (بالإنجليزية: Mount Everest) في عام 1953م، ليصبحا بذلك أول شخصين يحققان هذا الإنجاز التاريخي. تجدر الإشارة إلى أن قمة إيفرست تُعد أعلى قمة جبلية في العالم، حيث يبلغ ارتفاعها حوالي 8,850 متراً فوق مستوى سطح البحر، وتقع هذه القمة المشهورة في سلسلة جبال الهملايا بين نيبال ومنطقة التبت التابعة للصين. سُمّيت القمة بهذا الاسم تيمناً بالمسّاح والجغرافي البريطاني جورج إيفرست، ومعروف عنها أنها شهدت العديد من محاولات التسلق الفاشلة قبل أن ينجح هيلاري ونورغاي في الوصول إليها.
نبذة عن متسلقي قمة إيفرست
وُلِد إدموند هيلاري عام 1919 في مدينة أوكلاند النيوزلندية، وبدأت رحلته مع التسلق من خلال رحلة مدرسية إلى جبل روابيهو في حديقة تونغاريرو الوطنية عندما كان في السادسة عشرة من عمره. وعندما بلغ العشرين، تمكن من القيام بأول تسلق فعلي له على قمة جبل أوليفييه، أحد قمم جبال الألب. أصبح هيلاري ممارسًا متحمسًا لرياضة التسلق، وفي صيف 1948م تسلق أعلى قمة في نيوزيلندا، وهو ما أدى به إلى الانضمام إلى بعثة بريطانية تسلقت قمة إيفرست في عام 1951م، رغم فشلها في ذلك. كان هيلاري عازمًا على تحقيق حلمه، حيث كان جزءًا من البعثة البريطانية التاسعة لتسلق إيفرست بقيادة جون هنت (بالإنجليزية: John Hunt) في عام 1953م.
ضمّت هذه البعثة إلى جانب هيلاري شخصية بارزة في تنظيم رحلات التسلق، وهو تينسينغ نورغاي، من قبائل الشيربا التبتية، وُلد عام 1914. اكتسب نورغاي خبرته في التسلق من خلال العمل كحمّال في العديد من الرحلات الاستكشافية إلى قمة إيفرست، وكان أولها عام 1935م بمعية إريك شيبتون، واستمر في المشاركة في رحلات التسلق حتى نجح في تسلق إيفرست.
رحلة تسلق قمة إيفرست
استمر التخطيط لرحلة تسلق قمة إيفرست لعدة أشهر قبل تنفيذ الحملة البريطانية التي ضمت مجموعة من أفضل المتسلقين المتمرسين. أنشأت الحملة خلال مسيرتها تسعة مخيمات، لا يزال بعض منها يستخدم من قبل المتسلقين حتى اليوم. في تلك الرحلة، كان يتعين على أربعة أشخاص فقط تحقيق مهمة الوصول إلى القمة، فتم تشكيل فريقين من المتسلقين: الأول ضم توم بورديلون (بالإنجليزية: Tom Bourdillon) وتشارلز إيفانز (بالإنجليزية: Charles Evans)، والثاني كان يضم إدموند هيلاري وتينسينغ نورغاي.
بدأ الفريق الأول، الذي يتكون من بورديلون وإيفانز، رحلته في السادس والعشرين من مايو عام 1953م، لكنهما لم يتمكنا من التسلق لأكثر من 91 مترًا بسبب سوء الأحوال الجوية ووجود مشاكل في خزانات الأكسجين إذ اضطرا للعودة. بينما بدأ الفريق الثاني، المؤلف من هيلاري ونورغاي، رحلته بعد ثلاثة أيام، وغادرا المخيم التاسع التابع للبعثة في الساعة السادسة والنصف صباحًا.
في الساعة 9 صباحًا من ذلك اليوم، وصل هيلاري ونورغاي إلى القمة الجنوبية لقمة إيفرست، لكن للوصول إلى القمة الرئيسية كان هناك خطر حقيقي بسبب سلسلة من الصخور الجليدية. خلال محاولة هيلاري القفز عبر هذه السلسلة، سقط ولكنه نُقذ بواسطة تينسينغ الذي شد الحبل الذي كان مربوطاً به. بعد حوالي ساعة، بلغا صدعًا صخريًا حادًا يُعرف الآن بإسم هيلاري ستيب (بالإنجليزية: Hillary Step) حيث تمكن هيلاري من تسلقه، ثم ألقى حبل التسلق إلى زميله نورغاي لمساعدته في عبور الصدع، وتمكنا من الوصول إلى القمة العليا للعالم الساعة 11:30 صباح يوم 29 مايو 1953م، وبقيا على القمة لمدة 15 دقيقة فقط قبل أن ينزلا ليصبح خبر نجاحهما حديث العالم.
المحاولات السابقة لتسلق قمة إيفرست
كانت أول محاولة لتسلق قمة جبل إيفرست في عام 1921م، وشارك فيها بعثة بريطانية عبرت هضبة التبت، لكن عاصفة قوية تسببت في فشل المحاولة وأجبرت البعثة على العدول. تلتها محاولة أخرى في عام 1922م مع مرافق للمتسلق جورج مالوري، ولكنها باءت بالفشل أيضًا نتيجة انهيار جليدي أدى إلى وفاة سبعة من الحمّالين التبتيين. لم تتوقف المحاولات البريطانية، ففي عام 1924م، أطلقوا بعثة ثالثة تمكن إدوارد نورتون من الوصول إلى ارتفاع يقترب من 275 متراً عن القمة، ولكنه لم يتمكن من إكمال مسيرته.
جدد المتسلق مالوري برفقة زميله أندرو إيرفين محاولتهم في 1924م، إلا أنهما لم يعدا؛ وعُثر على جثة مالوري في عام 1999م محنطة في الجليد، مع وجود آثار كسور على جسده، مما يجعل الجدل لا يزال قائمًا حول ما إذا كان قد حقق الوصول إلى القمة أم لا. واستمرت المحاولات الفاشلة لتسلق قمة إيفرست حتى عام 1952م، حيث تمكن أعضاء بعثة سويسرية، ريمون لامبرت وتينسينغ نورغاي، من الوصول إلى ارتفاع يقارب 8,600 متر، وهو الاحتجاز مباشرة تحت القمة الجنوبية، ولكن شح الإمدادات أجبرهم على العودة.