العالم الرائد في دراسة تركيب العين
يعتبر العالم ابن الهيثم من أبرز الشخصيات في تاريخ علم البصريات، حيث قدم شرحًا شاملًا لتركيب العين في مؤلفه المعروف (البصريات). وقد تضمن هذا الكتاب أول وصف علمي دقيق للعين، كما كتب رسالة تتناول تشريح العين وآلية الإبصار. قام ابن الهيثم بإجراء دراسات تفصيلية، حيث عرّف كل جزء من أجزاء العين، وقام برسمها بشكل علمي دقيق. يُعدُّ ابن الهيثم أيضًا أول من قام بتسمية أجزاء العين، وقد انتقلت تلك المسميات إلى الحضارة الغربية، ومنها: القرنية (Cornea)، والشبكية (Retina)، والسائل الزجاجي (Vitreous Humour)، والسائل المائي (Aqueous Humour).
إنجازات ابن الهيثم في علم البصريات
خلال إقامته في مصر، تمكن ابن الهيثم من تحقيق إنجازات ملحوظة في تطوير علم البصريات. فقد اعتمد على الرياضيات والهندسة لتقديم أدلة تثبت أن العين ترى الأشياء نتيجة انعكاس الأشعة من الأجسام المرئية. وأكد أن العين لا تصدر أشعة نحو الأجسام، مما ساعده في دحض النظرية اليونانية التي طرحها كل من بطليموس وأقليدس، والتي كانت تدعي أن الرؤية تحدث من خلال انبعاث شعاعات ضوئية من العين إلى الأجسام المرئية.
كما قدّم ابن الهيثم برهانًا رياضيًا وهندسيًا يوضح كيف يمكن للعينين أن تنظر إلى الأشياء في الوقت نفسه دون حدوث ازدواجية في الرؤية، أي دون رؤية الشيء مرتين. وفسّر ذلك من خلال تطابق صورة الجسم على شبكية العين. ساهم ذلك في وضع الأسس لما يُعرف بالاستريوسكوب، كما وضع أيضًا قوانين جديدة لظواهر انعكاس الضوء وانكساره، والتي تحدث فقط عبر الماء أو الزجاج أو الهواء. ولذلك يُعتبر ابن الهيثم رائد علم الضوء في بداية القرن الحادي عشر ميلادي.
نبذة عن العالم ابن الهيثم
ابن الهيثم هو محمد بن الحسن، ويُعرف أيضًا بالحسن بن الحسن، وُلد في أواخر القرن الرابع الهجري. نشأ في ظروف اقتصادية صعبة، وعمل في نسخ وبيع الكتب قبل أن يتفرغ للدراسة ويحقق بروزًا علميًا ملحوظًا. يُذكر أنه ألف حوالي سبعين مؤلفًا، من أبرزها كتاب المناظر، ورسالة الشكوك على بطليموس، وكتاب الإظلال، وتهذيب المجسطي، وتربيع الدائرة، ورسالة الأخلاق، وكتاب مساحة الجسم المتكافئ، وكتاب الأشكال الهلالية، بالإضافة إلى المرايا المحرقة، وتفسير المقالة العاشرة لأبي جعفر الخازن وارتفاعات الكواكب وغيرها. يُعتقد أن وفاته كانت في مدينة القاهرة سنة 1039 ميلادي.