أول قبلة في الإسلام
في المراحل الأولى من تاريخ الإسلام، كان المسلمون يتوجهون بأدعيَتهم وصلواتهم نحو القبلة الأولى، المسجد الأقصى في مدينة القدس، التي لطالما كانت محط أنظار البشرية. استمر رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم والمسلمون في الصلاة نحو بيت المقدس لمدة ستة عشر أو سبعة عشر شهراً. ثم أنزل الله سبحانه وتعالى الآية الكريمة: “قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاءِ فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضَاهَا فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَحَيْثُ مَا كُنتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ”. ومنذ ذلك الحين، أصبحت مكة المكرمة القبلة الجديدة للمسلمين، بينما ظل المسجد الأقصى والقدس مرتبطين بذكرى خاصة في القرآن الكريم.
أهمية المسجد الأقصى للمسلمين
يشغل المسجد الأقصى مكانة خاصة، إذ يعد ثاني المساجد التي شُيدت على وجه الأرض لتوحيد الله. جاء في الحديث الشريف أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: “المسجد الحرام أول مسجد وضع على الأرض، ثم المسجد الأقصى، وكان بينهما أربعون عاماً”، مما يؤكد عمق تاريخ هذا المكان. وقد عاش في محيطه عدد من الأنبياء والمرسلين، بما فيهم إبراهيم عليه السلام، ومنه انطلقت العديد من الرسالات السماوية التي تدعو إلى عبادة الله. استمرت القبلة نحو المسجد الأقصى فترة تقترب من سبعة عشر شهراً، وتُعتبر الصلاة فيه تعادل خمسمائة صلاة في المساجد الأخرى، باستثناء المسجدين الحرام والنبوي.
كما أن المسجد الأقصى كان وجهة النبي محمد صلى الله عليه وسلم في رحلة الإسراء والمعراج، التي تمت بعد بعثته. حيث أُسري به ليلاً من المسجد الحرام بواسطة جبريل، وركب دابة البراق حتى وصل إلى المسجد الأقصى، حيث ربط البراق ببابه الذي يُعرف الآن بحائط البراق. وأمَّ النبي محمد جميع الأنبياء في الصلاة، ثم عُرج به إلى السماوات العُلا، حيث فُرضت عليه الصلاة، وأُمر المسلمون بأداء خمس صلوات يوميًا منذ ذلك الحين وحتى يوم القيامة.
موقع المسجد الأقصى
يقع المسجد الأقصى في الجزء الجنوبي الشرقي من البلدة القديمة في مدينة القدس، التي تُعتبر بمثابة قلب فلسطين. يتمتع المسجد بموقع مرتفع على هضبة تُعرف باسم هضبة موريا، ويشمل كل ما هو داخل السور المحيط بمدينة القدس القديمة. ويحتوي المسجد الأقصى على معالم شهيرة، من بينها قبة الصخرة المشرفة ذات القبة الذهبية الجذابة، التي تقع في مركز السور، بالإضافة إلى الجامع القبلي الذي يتميز بقبتها الرصاصية، ويقع في أقصى جنوب الموقع نحو القبلة. ويشمل المسجد كذلك نحو مئتين من المعالم الأخرى، بما في ذلك المساجد والمساطب والمباني والساحات.