أول رسول بعد آدم
يُعتبر نوحٌ عليه السلام هو أول رسول بُعث بعد آدم عليه السلام، وقد قيل إن الفاصل الزمني بينهما يُقدّر بعشرة قرون. خلال تلك الفترة، انتشرت عبادة الأوثان بين الناس، ولهذا أرسل الله تعالى نوحاً -عليه السلام- كرسول ونبي ليهديهم إلى طريق التوحيد ويحثهم على عبادة الله وحده. ورغم ذلك، كانت استجابة قومه من خلال تكذيب نبيهم، والكفر، والسخرية، بل اتهموه بالضلال وهددوه ومن اتبعه بالرجم إن لم يعدلوا عن عبادتهم لله سبحانه.
دعوة نوح وصبره
لم يفقد نبي الله نوحٌ الأمل في دعوة قومه، ولم يكن مستعجلاً ليتوقع إيمانهم به. فقد استمر في دعوتهم لمدة تُقدّر بألف سنة إلا خمسين عاماً، ومتنوعة أساليب دعوته لتناسب أحوالهم وظروفهم، مما أتاح لهم الفرصة للتأكد من صدقه مراراً وتكراراً. وقد دعاهم في الليل والنهار، سراً وعلانية، وقد وثق الله تعالى تلك الأساليب في القرآن الكريم، حيث قال على لسان نوح: (ثُمَّ إِنِّي دَعَوْتُهُمْ جِهَارًا*ثُمَّ إِنِّي أَعْلَنتُ لَهُمْ وَأَسْرَرْتُ لَهُمْ إِسْرَارًا). ومع ذلك، لم يؤمن معه سوى عدد قليل من قومه، مما دفع نوحًا في النهاية للدعاء بهلاك الكافرين.
هلاك قوم نوح
عندما دعا نوحٌ -عليه السلام- لقومه بالهلاك، أوحى الله تعالى إليه بأنه سيتسبب في هلاكهم، وأمره ببناء سفينة. وقد قيل إن هذه السفينة أُعدت من شجرة نمت في يوم ولادته، بطول يُقدّر بنحو ثلاثمئة ذراع، وعرض يبلغ حوالي ثمانين ذراعاً. وقد كُلّف نوحٌ بأن يصنع منها السفينة، والتي ستكون سبباً لنجاتهم عندما يغمر الله الأرض بالكافرين. فامتثل نوحٌ لأمر ربه وبدأ ببناء السفينة بينما كان قومه يعبرون من أمامه في استغراب وسخرية، حتى أكمل صنعها. ثم أمر من آمن معه، وقد قدر عددهم بحوالي ثمانين شخصاً، بالصعود إلى السفينة، وحمل معه زوجين من كل نوع من الحيوانات. بعد ذلك، أرسل الله السماء بالمطر الغزير وأخرج الماء من الأرض لمدة أربعين يوماً، حتى غار الماء واستقرت السفينة. وقد قيل إن نوحًا ومن معه بقوا في السفينة لمدة ستة أشهر حتى استراحت على جبل الجودي في الموصل بالعراق، حيث خرج نوحٌ والمؤمنون بعد ذلك منتصرين.