مدينة البتراء
تُعتبر البتراء، والتي تُعرف باللغة الإنجليزية بـ Petra، وجهة سياحية مميزة تقع في المملكة الأردنية الهاشمية. حازت هذه المدينة التاريخية على لقب إحدى عجائب العالم السبع الجديدة بعد التصويت لها في عام 2007. وبفضل قيمتها التاريخية والمعمارية، أُدرجت ضمن قائمة التراث العالمي لليونسكو في عام 1985. تشتهر البتراء، التي تعني “الحجارة” باللغة اليونانية، بمعالمها الأثرية المنحوتة في الصخور، إلى جانب نظام قنوات المياه المبتكر الذي يمتاز بها. كما تُعرف أيضًا بـ “المدينة الوردية” نظرًا للون الحجارة التي تشكلها.
الموقع الجغرافي للبتراء
تقع مدينة البتراء في محافظة معان، جنوب الأردن، على بُعد حوالي 240 كم من العاصمة عمّان، و120 كم شمال مدينة العقبة المطلة على البحر الأحمر. تشغل البتراء موقعًا جغرافيًّا مميزًا، إذ تمتد إحداثياتها بين خطي عرض 30.19° شمالًا و35.26° شرقًا. تقع المدينة الوردية في وادي موسى، الذي يحتوي على مجموعة من المطاعم والمقاهي والفنادق، مما يتيح للزوار الإقامة هناك أثناء زيارة المدينة.
تاريخ البتراء
تُعتبر البتراء مركزًا حضاريًا هامًا، حيث كانت عاصمة مملكة الأنباط (Nabataean Kingdom). لم يُعرف بالتحديد متى ظهرت المدينة، ولكنها اكتسبت مكانة هامة كعاصمة للمملكة النبطية منذ القرن الأول قبل الميلاد، وأصبحت مركزًا بارزًا للتجارة، خاصةً في تجارة البخور والمر والتوابل. وبفضل هذا الازدهار، تمكن الأنباط من الهيمنة على طرق التجارة والاقتصاد في المنطقة.
شهدت المملكة النبطية ازدهارًا ملحوظًا خلال القرن الثاني قبل الميلاد، حيث شكلت البتراء مدينة تجارية ذات طراز معماري فريد وحكومة رشيدة. تمكنت من توسيع نطاق سيطرتها ليشمل مناطق واسعة تمتد من شمال الصحراء العربية في الجنوب، وصولاً إلى سوريا في الشمال، بالإضافة إلى مناطق في شبه جزيرة سيناء غربًا، ووادي السرحان والجوف شرقًا. كما قام الأنباط بإصدار عملاتهم المعدنية الخاصة.
أدى النمو الاقتصادي السريع للمدينة إلى قلق الرومان الذين هاجموها في عام 63 قبل الميلاد، ولكنها تمكنت من صد هذا الهجوم. بعد ذلك، تحالفت الأنباط مع الإمبراطورية البارثية ضد الرومان، ولكن بعد هزيمة البارثيين، اضطر الأنباط إلى دفع الجزية للرومان. وعندما تخلفوا عن هذا الدفع، هاجمهم الرومان واستولوا على أجزاء واسعة من المملكة النبطية في عام 31 قبل الميلاد. في تلك الأثناء، أبرم آخر ملوك الأنباط، رب أيل الثاني، اتفاقًا مع الرومان بعدم دخول المدينة حتى وفاته، ولكن في عام 106م، تمكن الرومان من السيطرة على المدينة.
اكتشاف مدينة البتراء
تعرضت المنطقة لزلزال قوي عام 363م، أسفر عن دمار واسع في المدينة وأدى إلى دفنها تحت الصخور. وبسبب هذه الكارثة، ظلت المدينة مفقودة لمدة سبعة قرون، حيث لم يعرف أحد مكانها أو تاريخها، باستثناء السكان المحليين والقبائل البدوية التي استوطنت في المنطقة.
في عام 1812، سمع المستكشف السويسري جون لويس بركهارت روايات من السكان المحليين عن وجود مدينة تُعرف بـ “المدينة الضائعة” الواقعة بين جبال وادي موسى. بدافع استكشاف المدينة بسرية، تنكر بركهارت في هيئة حاج، مشيرًا إلى رغبته في تقديم تضحية عند ضريح النبي هارون في المنطقة. من خلال هذه الحيلة، استطاع بركهارت كشف النقاب عن المدينة، لتظهر بحضارتها كما نعرفها اليوم.
آثار مدينة البتراء
تتميز مدينة البتراء بتنوع آثارها المعمارية التي تعكس حضارة الأنباط العريقة. ومن أبرز هذه الآثار:
- السّيق: هو أحد المعالم الأثرية الرائعة في البتراء، ويتكون من ممر ضيق وسط الصخور، بطول يقارب 1200 متر وارتفاع يتراوح بين 3 إلى 12 مترًا. يجمع بين جمال الطبيعة وأعمال النحت النبطية.
- الخزنة: تعد الخزنة من أبرز معالم البتراء، حيث تظهر عند نهاية السّيق. تتميز بجمال تصميمها وارتفاعها الذي يزيد عن 39 مترًا وعرضها 25 مترًا.
- الدير: يمثل مبنى الدير أحد المعالم البارزة في البتراء، والذي يتجاوز حجمه الخزنة، إذ يصل ارتفاعه إلى 48.3 مترًا وعرضه إلى 47 مترًا. ويحتوي على تماثيل للمُلك.
- المسرح النبطي في البتراء: يُعتبر هذا المسرح طابعًا فريدًا، حيث يضم صفوفًا من المقاعد المنحوتة في الصخور وسعة تصل إلى 4000 متفرج.
- قصر البنت: يتميز بارتفاع 23 مترًا، ويحيط به مدرج يحتوي على مقاعد من فترة حكم الملك النبطي الحارث الرابع، مع نقوش ظاهرة على بعض المقاعد حتى اليوم.
- مبنى المحكمة أو قبر الجرة: يضم ثلاثة منافذ استخدمت لمقابر صغيرة، وتم بناؤه في عام 70م، وأصبح في عام 446م كنيسة بيزنطية.
- المذبح: يحتوي المذبح على مسلّتين صخريتين تقفان بجانب بعضهما، تعكسان رموزا للألهة النبطية.
- المعبد الكبير: هو أكبر مباني المدينة، ويحتوي على ساحة واسعة وأدراج عريضة، ويُعرف باسم قدس الأقداس.
- الشارع المعمد: يعد طريقاً نبطياً قديمًا تم تجديده في العهد الروماني، ويحتوي على بوابة كبيرة تقود إلى قصر البنت.