أين تقع مدينة القسطنطينية التاريخية؟

القسطنطينية

تعد القسطنطينية (بالإنجليزية: Constantinople) عاصمة الإمبراطورية الرومانية والإمبراطورية البيزنطية. تأسست في هذه المدينة واحدة من أهم وأطول الحضارات في التاريخ، حيث امتدت لأكثر من ألف عام وشهدت العديد من الفتوحات والمعارك. يعود تاريخ تأسيس القسطنطينية إلى القرن السابع قبل الميلاد، وقد أثبتت أهميتها للشعوب والحضارات التي قامت فيها.

موقع القسطنطينية

تقع مدينة القسطنطينية على مضيق البوسفور، وهو الموقع الذي يعرف حالياً بمدينة إسطنبول. وتعد القسطنطينية من المدن الفريدة التي تمتد على قارتين، حيث تحيط بها المياه من ثلاث جهات: فقامت الحدود الشرقية مع مضيق البوسفور، والحد الجنوبي مع بحر مرمرة، بينما الشمال يُعرف باسم القرن الذهبي، أما الغرب فيحدها قارة أوروبا.

التسمية

تُعرف المدينة في البداية باسم بيزنطيوم، وهو الاسم الذي أطلقه عليها اليونانيون. وبعد أن استولى الإمبراطور الروماني قسطنطين الكبير على المدينة، يُقال إنه أطلق عليها اسم “روما الجديدة” (نوفا روم) بعد أن حلم برؤية نبوية، غير أن هذا الاسم لم يحظَ بشعبية. مع مرور الوقت أصبح يُشار إليها باسم مدينة قسطنطين، أو القسطنطينية تيمناً بمؤسسها.

التاريخ

تأسيس القسطنطينية

استوطنت مدينة القسطنطينية لأول مرة في عام 680 قبل الميلاد، حين جاء إليها سكان من مدينة ميغارا اليونانية وأسّسوا بها مدينة هالكيدون. وبعد مرور بعض الوقت، وفي عام 660 قبل الميلاد، استقر مجموعة أخرى من الميغاريين في المنطقة وأطلقوا عليها اسم بيزانطيون نسبة إلى قائدهم. تعرضت المدينة للعديد من الهجمات والحروب حتى استولى النيكوميديون عليها في عام 313 ميلادي، لكنها استعيدت من قِبل الإمبراطور قسطنطين.

وفي عام 330 ميلادي، قام الإمبراطور قسطنطين بنقل مركز الدولة الرومانية إلى مدينة بيزنطة، التي كانت تحت الحكم الروماني. أعاد بناء المدينة وأعلنها عاصمته، إذ أطلق عليها اسم “روما الجديدة”، ثم باسم القسطنطينية في عهده، وقد عادت المدينة لتستعيد ازدهارها كمركز اقتصادي وحضاري.

العهد البيزنطي

توفي قسطنطين في عام 337 ميلادي، ليتولى الحكم من بعده قسطنطين الثاني، الذي جعل المدينة مركزاً للدين المسيحي، حيث أسس فيها كنيسة آيا صوفيا عام 360 ميلادي، والتي تعرضت للحرق ثم أعيد بناؤها وتحويلها إلى مسجد.

بعد وفاة قسطنطين الثاني، تولى ابن عمومته يوليان الحكم وارتكب محاولات لنشر الوثنية في المدينة ومحو آثار المسيحية، لكنه لم يفلح في ذلك. توفي يوليان في عام 363 ميلادي خلال معركة ضد الفرس، وبعد ذلك انقسمت المدينة بين الأخوين فالنس وفالنتينيان الأول. ومع ذلك، لم يتمكن فالنس من منع المدينة من الضعف خلال حرب أدريانوبل عام 378 ميلادي.

تولى ثيودوسيوس الأول الحكم بعد الأخوين، ومنع الوثنية بينما جعل المسيحية الدين الرسمي للمدينة، كما أنه أوقف الألعاب الأولمبية. تولى ثيودوسيوس الثاني الحكم في عام 408 ميلادي، حيث أعاد بناء كنيسة آيا صوفيا، وأنشأ جامعةً في المدينة، وعمل على توسيع أسوارها عام 413 ميلادي في مواجهة التهديدات البربرية.

الفتح الإسلامي

بدأت المحاولات الإسلامية لفتح المدينة في الفترة ما بين 678 و674 ميلادي، إلا أن الفتح الفعلي للقسطنطينية تحقق في عام 1452 ميلادي بقيادة محمد الثاني، المعروف باسم “محمد الفاتح”. وُجد هذا الفتح ضمن خطة توسيع الدولة العثمانية التي اعتقدت أن المدينة تُعد مركزاً للمؤامرات الأوروبية ضد المسلمين، وكانت أيضاً محوريةً في الحروب الأهلية.

استعداداً لفتح المدينة، وقع محمد الفاتح اتفاقيات مع البندقية وجنوة وفرسان القديس يوحنا في رودس لمنع الإمبراطور قسطنطين الحادي عشر من العثور على حلفاء. قام بفحص المدينة عبر إقامة قلعة أورملي على البوسفور لمنع الإمدادات عنها، كما أعد المدافع التي سُمّيت “المدافع الملكية”. وعندما أرسل الإمبراطور مفاوضين لإيقاف الحصار، أمر محمد الفاتح بقطع رؤوسهم كإشارة لبدء الحرب.

استمر الحصار 45 يوماً في عام 1453، حيث هاجم محمد الفاتح المدينة من الشمال والغرب، واندلعت المعركة الكبرى التي أدت إلى اقتحام العثمانيين للمدينة من باب رومانوس وقتل الإمبراطور قسطنطين. وهكذا، فتحت الدولة العثمانية القسطنطينية في 29 مايو 1453، وكان لهذا الفتح تأثير كبير على كل من العرب والمسلمين وأوروبا.

القسطنطينية حالياً

اليوم تُعرف مدينة القسطنطينية بإسطنبول (بالإنجليزية: Istanbul) وهي عاصمة جمهورية تركيا في الوقت الراهن. استخدم الكتّاب العرب اسم إسطنبول في القرن السابع عشر، وهو مأخوذ من كلمة (Islambol) التي تعني “المليء بالإسلام”، وكان هذا الاسم غير الرسمي للمدينة حتى عام 1930 عندما أقرّ القوميون الأتراك اسم إسطنبول رسمياً في سياق محاولاتهم لإزالة المعالم الغربية والمسيحية للمدينة.

فيديو عن مدينة القسطنطينية

تابع الفيديو للتعرف أكثر على تاريخ مدينة القسطنطينية.