أين توجد مقبرة السيدة مريم العذراء؟

مكان دفن السيدة مريم

تشير المصادر إلى وجود آراء متعددة بشأن مكان دفن السيدة مريم، فضلاً عن الوقت الذي توفيت فيه وسبب وفاتها. فهل توجد نصوص شرعية تؤكد ذلك؟ وهل تتناول مؤلفات العلماء مسألة قبر السيدة مريم؟ سنستعرض ذلك بتفصيل فيما يلي:

هل تم التأكيد شرعاً على مكان دفنها؟

من المهم الإشارة إلى أن بعض العلماء والمؤرخين قدموا في كتاباتهم آراءً حول موقع دفن السيدة مريم، إلا أنه لم يُذكر في القرآن الكريم أو بالأحاديث النبوية ما يؤكد هذه المواقع. كما أنه لا يمكن الجزم بالأحداث المتعلقة بحياة السيدة مريم بعد صعود ابنها عيسى -عليه السلام- إلى السماء، وكذلك تفاصيل وفاة السيدة مريم وزمان حدوث ذلك، إذ ليس هناك دليل قوي يدعم هذه الروايات.

هناك من اعتبر أن ما قيل في هذا الصدد هو من روايات أهل الكتاب، وسنوضح لاحقاً كيف ينبغي على المسلم التعامل مع هذه الروايات. ووفقاً لتلك الروايات، يُقال إن السيدة مريم عاشت خمس سنوات بعد صعود ابنها، وتوفيت عن عمر يناهز 53 عامًا، لكن العلماء قد ضعفوا هذه الرواية وأسندها.

وأشار أحد العلماء في هذا السياق إلى أنه “لا نعلم شيئاً عن ما حدث لمريم بعد رفع عيسى -عليه السلام-، ولا يمكننا معرفته إلا من خلال الوحي، الذي لم يُخبرنا بشيء بهذا الشأن. ولا فائدة ذات قيمة في الدين من الانشغال بهذه الأمور، كما أنه لا ضرر في الجهل بها، وقد حُذرنا من التكلف، والله أعلم”.

آراء محتملة حول مكان دفنها

استعرض بعض العلماء في مؤلفاتهم آراءً حول مكان قبر السيدة مريم -عليها السلام-، وغالباً ما كانت هذه الآراء مستندة إلى روايات أهل الكتاب، ونستعرض فيما يلي بعض هذه الآراء:

  • ما ذكره ابن الجوزي في كتابه “فضائل بيت المقدس”، حيث أورد رواية غير مؤكدة تدعي أن قبر السيدة مريم يقع في بيت المقدس، مسلطاً الضوء على ما رآه النبي -صلى الله عليه وسلم- من نورين في ليلة الإسراء، حيث قيل إن النور الذي على الجانب الأيسر هو قبر السيدة مريم، إلا أن هذا الحديث غير ثابت.
  • ما ذكره ابن الوردي في “خريدة العجائب وفريدة الغرائب”، حيث أشار إلى وجود قبر السيدة مريم قرب باب الأسباط في كنيسة تُعرف بالجسمانية.
  • ما ذكره الهروي في “الإشارات إلى معرفة الزيارات”، حيث ادعى أن قبرها يتواجد في بيت المقدس، موضحًا أن الوصول إليه يتطلب النزول عبر 36 درجة، ويحتوي على 16 عمودًا من الرخام تحت القبة، 8 منها خضراء و8 حمراء، بالإضافة إلى أربعة أبواب تحيط بالقبر وتُعزز بأعمدة أخرى.
  • ما ذكره العليمي في كتابه “الأنس الجليل”، حيث أشار إلى أن قبر السيدة مريم واقع في بيت المقدس، عند أطراف جبل الطور، حيث بُنيت كنيسة تُعرف بالجسمانية، وتمت الإشارة كذلك إلى أن زكريا ويحيى -عليهما السلام- مدفونان أيضًا في جزء من ذلك الجبل، مما يعزز هذه الرواية.

موقف المسلم من مرويات أهل الكتاب

تُعرف مرويات أهل الكتاب بـ “الإسرائيليات”، وقد وضح النبي -صلى الله عليه وسلم- لامتنا كيفية التعاطي مع هذه الروايات، حيث يمكن تصنيفها إلى فئات مختلفة:

  • فئة لا تُصدق ولا تُكذب، وهي ما يتعارض أو لا يتعارض مع الشريعة الإسلامية، وتعد الآراء حول مكان قبر السيدة مريم من هذه الفئة.
  • فئة يحرم تصديقها، وهي التي تتعارض مع الشريعة.
  • فئة يجب تصديقها، وهي الموافقة للشريعة، حيث إن الشرع أكد عليها بالفعل.