عمر بن الخطاب
عُرف عمر بن الخطاب بن نُفيل بن عبد العزّى بن رباح بن عبد الله بن قرط بن رازح العدوي القرشي، وُلِد في مكة المكرمة. نشأ في كنف والده الخطاب الذي كان يتمتع بسمعة القوة والشجاعة، حيث كان فارساً من فرسان العرب وبطلاً من أبطال قريش. ورغم زواج الخطاب من عدة نساء وإنجاب الكثير من الأبناء، إلا أنه كان يُخصص عناية خاصة لابنه عمر. ارتاد عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- عالم الكتابة في صغره، فأصبح واحداً من بين سبعة عشر رجلاً كانوا يجيدون القراءة والكتابة في قريش. ومع بلوغه، منحته الله قوة بدنية ملحوظة، حيث انخرط في ممارسة الرياضة مثل المصارعة، واحتراف الفروسية، والرمي، وركوب الخيل. اشتهر بتصميمه القوي على آرائه. وعندما بُعث الرسول محمد -صلى الله عليه وسلم- برسالة الإسلام، كان عمر من المعارضين المتعصبين في مكة. وفي شهر ذو الحجة من العام السادس من البعثة، أراد الله -عز وجل- هداية عمر، لينفتح صدره للإسلام ويُعلن إسلامه في مكة، مما كان يُعتبر فتحاً عظيماً للإسلام والمسلمين. وحين هاجر المسلمون من مكة إلى المدينة، كانوا يغادرون خلسة، بينما خرج عمر بن الخطاب مُرفوع الرأس مُتحدياً الكفار، حيث قال: (من أراد أن يُثكل أمه، أو يُيتم ولده، أو يرمل زوجته، فليلقني وراء هذا الوادي). وبعد استقرار المسلمين في المدينة وتأسيس دولتهم، تولى عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- مسؤولية المسلمين بعد وفاة رسول الله، ثم أبي بكر الصديق رضي الله عنه، وذلك في العام الثالث والعشرين للهجرة.
مكان وفاة عمر بن الخطاب
توفي عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- في المدينة المنورة كما كان يتمنى. وقد رُوي عنه أنه كان يُكثر من الدعاء بأن يرزقه الله الشهادة في سبيله في المدينة، إذ كان يقول: (اللّهم ارزقني شهادة في سبيلك، واجعل موتي في بلد رسولك صلى الله عليه وسلم). توفي عام 23 للهجرة نتيجة لطعنة غادرة من أبي لؤلؤة المجوسي، غلام المغيرة بن شعبة، حيث طعنه أثناء صلاة الفجر. وبذلك ارتقى شهيداً.
قصة استشهاد عمر بن الخطاب
ألقى عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- آخر خطبة له يوم الجمعة 21 من ذي الحجة 23 للهجرة، وكان عبد الرحمن بن عوف -رضي الله عنه- من بين الحاضرين. وقيل إن عمر قال: (رأيت كأن ديكاً نقرني ثلاث نقرات، ولا أراه إلا عند أجلي، وإن أقواماً يأمرونني أن أستخلِف، وإن الله لم يكن ليُضيع دينه ولا خلافته). وطلب من الصحابة -رضي الله عنهم- أن تكون الخلافة شورى بين هؤلاء الستة الذين توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو راضٍ عنهم. كان بعض الصحابة يُلحّون على عمر بالسماح لبعض عبيدهم من المجوس والنصارى بالبقاء في المدينة، وقد وافق -رغم تردده- على ذلك. وفي أحد الأيام، حدث ما كان يخشاه، إذ تسلل عبدٌ مجوسي يُدعى أبو لؤلؤة، حاملاً سكيناً ثنائية الحاد، وطعن عمر بن الخطاب، ثم شرع بطعن المصلين، مما أسفر عن مقتل سبعة من بينهم. وعندما ظن المجوسي أنه سيقع في قبضة المسلمين، أقدم على الانتحار. وفي الوقت نفسه، قام عمر بتعيين عبد الرحمن بن عوف ليُكمل الصلاة، وبعد انتهاء الصلاة استفسر المسلمون عن المعتدي، وعندما عُلم أنه مجوسي قال: (قاتله الله لقد أمرت به معروفاً). نُقل إلى منزله وتصاعدت حالته الصحية حتى استشهد في يوم الأربعاء الثالث من ذي الحجة عام 23 للهجرة، عن عمر ناهز الثلاث والستين عاماً. قام الصحابة بتغسيله وتكفينه، ثم صلّى عليه صهيب بن سنان رضي الله عنه، ودفن بجوار رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وأبي بكر الصديق.
فضائل عمر بن الخطاب
تميز الصحابي الجليل عمر بن الخطاب رضي الله عنه بعدة فضائل، ومنها:
- دعاء النبي -صلى الله عليه وسلم- له، حيث رُوي عن عبد الله بن عمر أن الرسول دعا قبل إسلام عمر قائلاً: (اللّهم أعز الإسلام بأحب هذين الرجلين إليك بأبي جهل أو بعمر بن الخطاب).
- تبشير النبي -صلى الله عليه وسلم- لعمر بن الخطاب بالجنة، حيث أوعز لأبي موسى الأشعري أن يفتح له الباب ويبلغه البشرى بالجنة.