جامع الزيتونة
يعتبر جامع الزيتونة، المعروف أيضاً باسم الجامع الأعظم، من أبرز المعالم التاريخية في مدينة تونس القديمة، عاصمة دولة تونس التي تقع شمال قارة أفريقيا. يُعد هذا المسجد واحدة من أهمّ المؤسسات الدينية والثقافية في العالمين العربي والإسلامي، حيث يُعتبر منارة للعلم والهداية لكافة الأفراد، ولا سيما المسلمين.
تأسيس جامع الزيتونة
تأسس جامع الزيتونة في أواخر القرن الأول الهجري، الذي يصادف أواخر القرن السابع الميلادي، وكان ذلك في زمن الفتوحات الإسلامية في شمال أفريقيا، وتحديداً في منطقة تونس. في العادة، كان المسلمون عند فتحهم لمناطق جديدة يقومون بإنشاء مساجد فيها، وهو ما حدث بالفعل حيث أمر حسان بن النعمان ببناء جامع الزيتونة الذي أصبح له دوراً محورياً في التعليم ونشر مبادئ الإسلام السمحة.
كذلك، كانت مأذنة جامع الزيتونة معروفة منذ فترة مبكرة، حيث تروي الروايات أن العرب والمسلمين كانوا يمرّون بجوار صومعة في المنطقة ويجدون راهباً يجلس بجوارها، الأمر الذي كان يبعث على الأنس. وعندما تم إنشاء المسجد في نفس الموقع لاحقاً، أصبحت الصومعة مأذنةً للمسجد. ويُعتقد أن تسميته تُعزى لشجرة زيتون كانت موجودة بالقرب منه. على مر العصور، أضاف المسلمون توسعات عديدة لهذا المسجد ليظل مناسباً للأعداد المتزايدة من المصلين والطالبين للعلم.
دور جامع الزيتونة التعليمي والنهضوي
يُعتبر جامع الزيتونة منارة علمية حقيقية ساهمت في تقديم العلماء والباحثين للأمة الإسلامية، ليس فقط في المجالات الدينية، بل أيضاً في مجالات أخرى. فقد قام الجامع بدور الجامعة منذ لحظات تأسيسه الأولى، كما أسهم في نشر التعاليم الإسلامية في الدول المغاربية بشكل خاص.
ارتبطت أسماء بارزة في التاريخ الإسلامي بجامع الزيتونة، مثل ابن عرفة التونسي، الفقيه والمحدث والمفسّر للقرآن الكريم، والعلامة ابن خلدون، الذي يُعتبر مؤسس علم الاجتماع. واعتبر بعض المفكرين العرب جامع الزيتونة حصناً منيعاً يدافع عن الثقافة العربية والإسلامية إلى جانب كل من الجامع الأزهر في مصر، والجامع الأموي في سوريا، وجامع القرويين في المغرب.
أدى جامع الزيتونة دوراً مهماً في الدفاع عن الثقافة العربية والإسلامية أثناء فترة الاستعمار الفرنسي، حيث ساهم في الحفاظ على الهوية التونسية الأصلية. كما لعب دوراً كبيراً في مساعدة تونس على تجاوز الأزمات من خلال جهود المصلحين والزعماء الوطنيين الذين قدموا إسهامات جليلة في هذا المجال.