جبل مؤاب
يُعتبر جبل مؤاب من أبرز الجبال الموجودة في محافظة الكرك، إحدى المحافظات التابعة للمملكة الأردنية الهاشمية. أُطلق عليه هذا الاسم تيمناً بحضارة المؤابيين التي نشأت في هذه المنطقة تاريخياً، حيث تُعد الكرك واحدة من أولى المدن التي سكنتها هذه الحضارة. وقد عُرفت الكرك في العصور القديمة باسم كير مؤاب، والذي يعني “المدينة المحصنة”. اختيرت الكرك كموقع استيطاني للمؤابيين نظراً لجبالها المنيعة وسهولها الخصبة التي تُعد مثالية للزراعة، بالإضافة إلى موقعها المركزي الذي يربط بين الشمال والجنوب على طرق التجارة القديمة.
موقع جبل مؤاب
يقع جبل مؤاب في الجهة الغربية من محافظة الكرك، ويطل على وادي الموجب القريب من مدينة ذيبان، التي كانت تُعرف قديماً باسم ذيبون، عاصمة مملكة المؤابيين. يصل ارتفاع جبل مؤاب عن سطح البحر إلى حوالي 1250 متراً، في حين يبلغ ارتفاعه عن سطح الأرض نحو 70 متراً. يتميز الجبل بموقعه الاستراتيجي الذي يقع على الطريق الملكي، وهو المسار الذي يربط بين حضارتي الأنباط في البتراء والمُؤابيين في الكرك. يُعد الطريق الملكي نقطة مرور حيوية من البتراء إلى وادي موسى، ومن هنا فإن جبل مؤاب يتواجد في منطقة جغرافية تربط العديد من المواقع الطبيعية المتقاربة مثل وادي الموجب، ووادي موسى، وجبال الشراه، وجبال البتراء.
سبب تسمية جبل مؤاب
كما ذُكِر، يُعتبر جبل مؤاب من الجبال البارزة في منطقة الكرك التي استوطنها المؤابيون في العصور القديمة. تشير كلمة “مؤاب” إلى “الحارس” أو “المنيعة”. وقد تم التعرف على حضارة المؤابيين من خلال الآثار التاريخية التي وُجدت على هذا الجبل وفي المناطق المحيطة به. يُعتبر الملك ميشع من أشهر ملوك المؤابيين، حيث يُعتقد أنه حكم في القرن الثالث عشر قبل الميلاد، ويُربط اسمه بمسلة ميشع التي تم اكتشافها في منطقة ذيبان، والتي توجد اليوم في متحف اللوفر بباريس.
مكانة جبل مؤاب قديماً
يشتهر جبل مؤاب بتنوع آثاره، التي تعكس حضارتي الأنباط ومملكة مؤاب، إلا أن الآثار الأكثر شهرة تعود للحضارة المؤابية. تم اكتشاف قنوات وخزانات مياه ومصاطب زراعية تعود لتلك الحضارة على هذا الجبل، بالإضافة إلى مصاطب أخرى تعود للحضارة النبطية. وفّرت المياه الوفيرة في المنطقة بيئة مناسبة للاستيطان وزراعة المحاصيل الزراعية، كما تم استزراع السهول المحيطة بالجبل. الجبل اليوم يُظهر طبيعة صخرية قاسية تعكس انعدام مظاهر الحياة فيه، لكن اسم مؤاب لا يزال يمثل رمزاً لحضارة خالدة كانت تعيش على هذه الأراضي، ومن أبرز المناطق المعروفة سهول ربة مؤاب التي عاش فيها المؤابيون. يُذكر أيضاً أن الرفيق الموجود في جبل مؤاب يُعتبر مقام النبي هارون عليه السلام، والله أعلم.