أين يقع مسجد ضرار المعروف تاريخياً؟

أين يقع مسجد ضرار؟

مسجد ضرار يُوجد في منطقة تُعرف باسم بئر ذَرْوان، أو بئر بني ذروان. يُقال أيضاً أنه يقع في موقع آخر يبعد حوالي ساعة زمنية عن المدينة المنورة، حيث يقع بالقرب من مسجد قباء. يُحَتَرَم هذا المسجد كواحد من المساجد المبنية على نوايا غير صادقة، إذ قام بإنشائه مجموعة من المنافقين بالقرب من مسجد قباء، بهدف خلق مكان يُستخدم لإبعاد الناس عن طريق الله عز وجل ومعارضة دعوة الرسول محمد -صلى الله عليه وسلم-. في الحقيقة، تم بناء هذا المسجد قبل مغادرة رسول الله محمد -صلى الله عليه وسلم- لغزوة تبوك وقد أتموا البناء بشكل محكم. ثم طلبوا من الرسول أن يؤدي الصلاة فيه ليحصلوا على بركته وإقرار منه. ولكن الله عز وجل فضحهم وكشف عن نواياهم الدنيئة. والجدير بالذكر أن هذا المسجد لم يعد له أي أثر في الوقت الراهن، ولا يُعرف مكانه بدقة في المنطقة المحيطة بقبا.

قصة بناء مسجد ضرار

تشير السُنّة النبوية إلى أن قوم عمرو بن عوف هم من قاموا ببناء مسجد قباء ودعوا الرسول محمد -صلى الله عليه وسلم- ليؤدي الصلاة فيه. وقد أثار ذلك حسد أبناء عمومتهم من بنو غنم بن عوف، مما أدى بهم إلى إنشاء مسجد آخر للتنافس والدعوة لصلاة النبي محمد فيه. أرسلوا رسالة إلى الرسول تفيد بأنهم بنوا مسجدًا للتوسع على المسلمين، لتُصلي فيه من يحتاج وإيوائهم من أمطار الشتاء وحر الصيف. وكان هدفهم هو الحصول على بركة نزول الرسول ليظهروا أن نواياهم حسنة، وبالتالي يُعتبر أداء الرسول للصلاة في هذا المسجد بمثابة إقرار بصلاحيته.

رفض النبي -صلى الله عليه وسلم- الصلاة في ذلك المسجد لأنه كان متوجها إلى غزوة تبوك، وأصدر وعدًا بالصلاة فيه عند عودته. لكن الله عز وجل فضح نواياهم بعد عودته، وأظهر له أن بناء مسجدهم لم يكن إلا لتفريق المسلمين وإلحاق الضرر بهم، وقد نزلت بذلك آيات تحذر من هذا الأمر، حيث سمّاه الله -تعالى- مسجد ضرار، فقال: (وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مَسْجِدًا ضِرَارًا وَكُفْرًا وَتَفْرِيقًا بَيْنَ الْمُؤْمِنِينَ وَإِرْصَادًا لِمَنْ حَارَبَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ مِنْ قَبْلُ وَلَيَحْلِفُنَّ إِنْ أَرَدْنَا إِلَّا الْحُسْنَى وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ).

أسباب بناء مسجد ضرار

قام المنافقون بإنشاء مسجد ضرار لتحقيق أهداف خبيثة تم فضحها في الآية المذكورة سابقًا. ويمكن تلخيص الأسباب التي دفعتهم للبناء في النقاط التالية:

  • التسبب في الإضرار بالإسلام والمسلمين.
  • تعزيز قوة صف المنافقين وتفكيك صفوف المؤمنين.
  • إحداث فُرقة بين المصلين في مسجد قباء وتقليص أعدادهم، مما يشتت وحدة الإيمان بينهم.
  • توفير مكان يتجمعون فيه لتخطيط واحتضان مكائدهم ضد الإسلام، متظاهرين بنوايا حسنة.

أمر النبي بهدم مسجد ضرار

عندما عاد الرسول محمد -صلى الله عليه وسلم- من غزوة تبوك، أدرك نوايا المنافقين الذين دعوه للصلاة في مسجدهم المليء بالخداع، ولم يتهاون في موقفه تجاههم. فقد أمر بهدم هذا المسجد وإحراقه، ووجه المسلمين بعدم العودة إليه مطلقًا. قال الله -تعالى-: (لَا تَقُمْ فِيهِ أَبَدًا لَمَسْجِدٌ أُسِّسَ عَلَى التَّقْوَى مِنْ أَوَّلِ يَوْمٍ أَحَقُّ أَنْ تَقُومَ فِيهِ فِيهِ رِجَالٌ يُحِبُّونَ أَنْ يَتَطَهّرُوا وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُطَّهِّرِينَ). وقد عهد بهذه المهمة إلى مجموعة من الصحابة، من بينهم مالك بن الدخشم ومعن بن عدي وعامر بن السكن، وكُلف وحشي بن حرب -رضي الله عنه- أيضًا. بالتالي، جمعوا شجاعتهم وأحرقوا المسجد في الوقت الذي يتجمع فيه المنافقون. بعد ذلك، أمر الرسول محمد -صلى الله عليه وسلم- الصحابة بتحويل المكان الذي كان يُقام عليه مسجد ضرار إلى مكان يُستخدم لإلقاء النفايات.