أحمد باشا الجزار
يُعتبر أحمد باشا الجزار واحدًا من الشخصيات البشناقية البارزة التي اشتهرت خلال فترة الحكم العثماني بسلطتها وقوتها. أُطلق عليه لقب “الجزار” نظرًا لمهارته في القضاء على خصوم أسياده، حيث كان له تأثير كبير في مجريات الأمور السياسية. قام بنقل مركزه السياسي إلى مدينة عكا، وأثبت دوره الحيوي في دعم الأمراء المتواجدين في بلاد الشام. في هذا المقال، سنقدم نظرة عامة عن أحمد باشا الجزار وحياته.
مولد ونشأة أحمد باشا الجزار
وُلِد أحمد باشا الجزار، المعروف أيضًا بالبوشناقي، في مدينة البوسنة لأحد الأسر المسيحية عام 1735م. هرب بعد ذلك إلى القسطنطينية أثناء شبابه، حيث يُعتقد أن سبب هروبه يعود إما لمشاكل عائلية مستمرة أو لمقتله أحد الأفراد. وخلال إقامته في القسطنطينية، تعرف على تاجر دعاهم للإسلام، واعتنق الدين الإسلامي بإرادته الحرة.
بعد إسلامه، قرر أحمد باشا التوجه إلى القاهرة مع قافلة للحجاج، حيث انضم إلى خدمة أحد كبار المسؤولين في منطقة البحيرة شمال مصر وتزوج من امرأة مصرية ذات أصول حبشية. وعندما قُتل المسؤول، قرر البوشناقي الانتقام عبر الهجمات المتكررة على البدو، مما أدى إلى مقتل حوالي سبعين بدويًا، بما في ذلك قادة وشيوخ القبائل. ومنذ تلك اللحظة، حظي بلقب “الجزار”.
انتقام البدو من أحمد باشا الجزار
ردًا على اعتداءاته، أقدم عدد من البدو على قتل زوجته وابنته، لكنهم لم يتمكنوا من قتل ابنه داؤود، الذي تمكن من الهرب إلى عكا. وفقًا لبعض المؤرخين، نشب نزاع بينه وبين والده أثناء بناء المسجد في عكا، ثم عاد داؤود إلى القاهرة وعاش مع عائلة والدته وتزوج هناك.
هروب أحمد باشا الجزار إلى جبل لبنان
عمل أحمد باشا الجزار تحت قيادة علي بك الكبير، الذي تولى حكم مصر بين عامي 1768م و1773م. بدأ خدمته بتقديم أربع رؤوس من شيوخ البدو كدليل على ولائه، بعد انقلاب محمد بك على علي بك الكبير. وعندما رأى الجزار صعوبة مقاومة هذا الانقلاب، هرب إلى جبل لبنان، حيث كان أمير الدروز يوسف الشهابي يحكم ساحل لبنان وحلب وحمص. كُلف الجزار بحفظ بيروت من الاعتداءات.
وافق أحمد باشا على ذلك، وقام ببناء سور قوي لحماية المدينة باستخدام الحجارة الأثرية، التي تعود لأحداث الزلزال المدمر الذي وقع في عام 511م. إلا أنه سرعان ما انقلب ضد الأمير يوسف الشهابي، الذي استطاع استعادة منطقة الجليل والأسطول الروسي بفضل دعم ظاهر العمر له.
هروب أحمد باشا الجزار إلى ولاية صيدا
جمع أحمد باشا ثروته وهاجر إلى ولاية صيدا، التي كانت تحت حكم سلطان عثماني، حيث مُنح لقب الباشا. ظل في ولاية صيدا حتى وافته المنية في الثالث والعشرين من نيسان عام 1804م.