إنجازات أَبِي الريحان البيروني
تتعدد إنجازات أبو الريحان البيروني وتبرز إسهاماته المميزة في مختلف المجالات، وفيما يلي نستعرض أهم هذه الإنجازات:
الجغرافيا
ساهم البيروني بشكل واضح في مجالي الجغرافيا والمناخ، حيث قام بتحديد خطوط الطول والعرض للأرض بدقة عالية. كما عمل على معالجة تحديات رسم الخرائط بفهمه لشكل الأرض ككُرة، وقدّر حجمها بـ 6339.6 كم، وهي القيمة التي لم يتمكن العلماء في الغرب من الوصول إليها إلا في القرن السادس عشر. كما أسهم في تسهيل رسم الخرائط الجغرافية من خلال تأسيس قاعدة حسابية خاصة بتسطيح الكرة، وذلك في مؤلفه المعروف بـ (الاستيعاب في تسطيح الكرة).
بالإضافة إلى ذلك، تناول موضوع خروج مياه الينابيع من باطن الأرض، ووجه اهتمامه نحو معرفة تضاريس العالم، حيث أضاف جداول في كتابه (القانون المسعودي) تحدد مناطق العالم الهامة في ذلك الوقت، وخاصة المناطق الحرارية.
وقدم البيروني نظريات فيما يخص الطبقات والأزمنة الجيولوجية، وتعتبر قريبة جدًا من النظريات الحديثة، مما يُتيح تطبيقها في علم الجغرافيا في الوقت الحالي. ومن أهم مؤلفاته في هذا المجال: تصحيح الطول والعرض لمساكن المعمور من الأرض وتحديد نهايات المواقع لتصحيح مسافات المساكن.
الفلك
على الرغم من اهتمام البيروني بمجالات أخرى، إلا أنه كان بارعًا في علم الفلك والنجوم، حيث أشار في كتاباته إلى دوران الأرض حول محورها وقام بقياس محيط الأرض عبر قانون رياضي خاص وضعه بنفسه.
ولم يقتصر إسهامه على قياس محيط الأرض فقط، بل أثبت أيضًا من خلال دراساته أن الأرض تمتلك قوة جذب للأجسام نحو مركزها، متقدمًا بذلك على إسحاق نيوتن في مجال الجاذبية. وقد وثق هذه الآراء في مؤلفه (القانون المسعودي)، حيث أجرى حوارات مع علماء آخرين، بما في ذلك ابن سينا، حول دوران الأرض.
كما طور البيروني فهم ظاهرتي الكسوف والخسوف، حيث ألف العديد من الكتب في هذا المجال، منها: الاستشهاد باختلاف الأرصاد، واختلاف كتاب بطليموس القلوذي، والاستيعاب للوجوه الممكنة في صنع الأسطرلاب.
الفيزياء
تميز البيروني بتطبيق المنهج العلمي في أبحاثه، حيث اعتمد على البحث والتحليل للوصول إلى النتائج. أجرى العديد من التجارب الفيزيائية، ومن أبرزها قياس الثقل النوعي للأجسام الصلبة، والتي أسفرت عن تحديد وزن بعض الفلزات والأحجار الكريمة باستخدام الجهاز المخروطي.
كما ساهم في صياغة القوانين الفيزيائية المهمة مثل قانون تناسب الجيوب، وتعمق في الرياضيات المتعلقة بالجيب والظل. وأكد أن سرعة الضوء تفوق سرعة الصوت، مشيرًا إلى أن الرؤية تحدث نتيجة انبعاث الشعاع الضوئي من الجسم المرئي إلى العين وليس العكس.
الرياضيات
ترك البيروني تأثيرًا واضحًا في علم الرياضيات، حيث ساهم في حساب مساحة المثلث والدائرة، وألف كتبًا تحتوي على قواعد رياضية أساسية تُستخدم حتى الوقت الحاضر، مثل: استخراج المكعبات والأضلاع ومكانتها في الحساب، وكذلك استخراج الأوتار في الدائرة باستخدام خصائص الخط المنحني.
الأدب
رغم توجهه نحو العلوم، لم يغفل البيروني عن الأدب حيث قام بشرح ديوان الشاعر أبو تمام (مختار الأشعار والآثار). كما لديه مؤلفات في مجال الفلسفة، وقد تعلم أيضًا اللغتين اليونانية والسنسكريتية خلال أسفاره، وكتب بعدة لغات منها العربية والفارسية.