الدعوة إلى الله بالحكمة
تعرف الحكمة في اللغة بأنها المنع، إذ تمنع صاحبها من الانغماس في الأمور السلبية، مثل الظلم أو الكذب. أما في المعنى الاصطلاحي، فتشير الحكمة إلى الدعوة إلى الله -تعالى- باستخدام الأدلة الواضحة والبصائر المقنعة التي تظهر الحق وتوضحه بشكل جلي.
تحظى الحكمة بأهمية كبيرة، كما ورد في القرآن الكريم، حيث يقول الله -تعالى-: (ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ).
من المهم الإشارة إلى أن الحكمة تمثل واحدة من أقوى الحجج، وهي فائدة عظيمة للعقائد اليقينية، حيث ترتقي بها إلى أعلى المراتب وأشرف الدرجات، متجسدة في اقتناع كامل وحكم واضح لا يقبل الشك.
الدعوة بالموعظة الحسنة
تُعتبر الدعوة بالموعظة الحسنة نوعاً من التأثير الخطابي الذي يعتمد على أساليب مصممة خصيصاً لتحريك المشاعر وتخفيف انفعالات المدعوين، حيث تتمركز أهميتها حول توجيه الأفراد نحو الطريق المستقيم وأعمال الخير.
ومثال ذلك يتمثل في وصية لقمان لابنه عندما نهاه عن الشرك بالله -سبحانه-، كما جاء في قوله -تعالى-: (وَإِذْ قَالَ لُقْمَانُ لِابْنِهِ وَهُوَ يَعِظُهُ يَا بُنَيَّ لَا تُشْرِكْ بِاللَّهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ).
المجادلة بالتي هي أحسن
تستند المجادلة إلى مخاطبة العقل من خلال الإقناع والحجة الصحيحة، وهو أمر بالغ الأهمية لتفادي تاثر الشخص المقابل بعواطفه. كما يقول الله -تعالى-: (وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ). مثال على ذلك هو دعوة الرسول -عليه السّلام- في مكة المكرمة، حيث كان يعتمد في دعوته على المفاوضات القريبة من الرشد وبعيدة عن التعقيد.
الترغيب والترهيب
يعتمد هذا الأسلوب على تحفيز المدعو للثبات على الحق وقبوله بسهولة لنيل رحمة الله -تعالى- ورضاه، وهو ما يسمى بالترغيب. أما الترهيب فيتمثل في تحذير المدعو من غضب الله -تعالى- وعقابه في الدنيا والآخرة، ويكون هذا الأسلوب تابعا للترغيب وليس سابقا عليه.
ومن الأمثلة على ذلك؛ دعوة سيدنا نوح -عليه السّلام- لقومه، حيث قال -تعالى-: (إِنَّا أَرْسَلْنَا نُوحًا إِلَى قَوْمِهِ أَنْ أَنْذِرْ قَوْمَكَ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ * قَالَ يَا قَوْمِ إِنِّي لَكُمْ نَذِيرٌ مُبِينٌ* أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاتَّقُوهُ وَأَطِيعُونِ).
التدرج في تعليم الناس
يعتمد هذا الأسلوب على تقديم الدعوة بشكل تدريجي، حيث تكمن أهميته في تفادي شعور المدعو بالملل أو التراجع. ولعل المثال الأبرز هنا هو دعوة الرسول -عليه السّلام-، حيث بدأ بدعوة الناس إلى التوحيد، ثم انتقل إلى باقي أركان الإسلام كالصلوات والزكاة. ومن قوله -عليه السّلام-: (فإنْ هُمْ أطاعُوا لذلكَ، فأعْلِمْهُمْ أنَّ اللَّهَ افْتَرَضَ عليهم خَمْسَ صَلَواتٍ).
القدوة الصالحة
يمكن تعريف القدوة الصالحة بأنها الصفات الحميدة والأفعال الحسنة التي تجعل المدعو مثالاً يُحتذى به. وتظهر أهمية القدوة الصالحة في إبراز جمال الدين الحنيف. ومثال على ذلك، الرسول -عليه السّلام- الذي يعد أفضل قدوة للأمة، نظراً لتوافق أفعاله مع أقواله.
وقد أثر الرسول -عليه السّلام- في كثير من المشركين العرب من اليهود والنصارى، مما أدى بهم إلى دخول الإسلام، كما يشير إليه قوله -تعالى-: (لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيراً).