الأخلاق في فكر وليم جيمس
رفض وليم جيمس مفهوم الأخلاق المثالية التي تعلي من قيمة الأعمال الصالحة. اعتبر أن الأعراف والتقاليد تفرض نوعاً من الأخلاق الزائفة، التي يمكن أن تحد من حرية الفرد، مما يؤدي به إلى تصرف وفقاً لمعايير القيم، بدلاً من أن يتصرف بما يتناسب مع رغباته الشخصية. لذا، فإن من الضروري التخلي عن هذه الأعراف حفاظاً على حرية الأفراد.
كما أنكر وليم جيمس وجود ما يُعرف بالقيم الإنسانية الثابتة، وطرح فكرة أن العلاقات بين الناس تقوم على المصالح المتبادلة. إذ تنتهي هذه العلاقات عندما تنقضي المصلحة. وأكد أن القيم التي يجب أن يتبناها الأفراد هي تلك المستندة إلى مصالحهم الشخصية، والتي يُفترض أن تُمارَس بطرق تحسن من نوعية الحياة وتعزز المجتمع. إن الدافع للالتزام بتلك القيم هو ما تتطلبه الحياة وظروفها.
وترتبط أخلاق وليم جيمس بالشعور والعواطف، حيث يعتمد الفرد على شعوره لتحديد صواب أفعاله. فإذا كان يشعر أن التصرف معين يحقق مصلحته واحتياجاته، فإنه سيتبعه، بينما سيتجنب ما لا يتماشى مع مشاعره. وعند تطبيق جيمس لمبدأ البراغماتية على الأخلاق، كانت النتيجة أن على الأفراد الالتزام بالقيم التي تساعد على استقرار وتطوير المجتمعات، وتعزز من مكانتهم واحترامهم.
إن الفرد هو من يحدد ما إذا كانت هذه القيم ستعود عليه بالنفع أم لا، وعليه الالتزام بما يناسبه. وليم جيمس يرفض المبادئ الثابتة التي تعيق الفرد وتجعله مُلزماً بتطبيقها حتى لو كانت متعارضة مع مصلحته أو قد تضر به.
الأخلاق والدين
يشكل الدين الأساس والجوهر للأخلاق، وهو المصدر الذي تنبع منه القيم الأخلاقية النبيلة. لا شك أن الأخلاق السامية تلبي مصلحة الفرد، فالإيمان يدفع الفرد نحو سلوكيات تُعتبر صحيحة وتؤدي به إلى الخير. لا يمكن فصل الأخلاق عن الدين.
يتحول الدين في شخصية الفرد المؤمن إلى سلوك قويم وحياة ناجحة، مما يمنحه وعياً كاملاً حول السلوكيات الإيجابية والسلبية المحيطة به. فهو قادر على التمييز بين الخير والشر، ويحدد المسار الذي ينبغي أن يسلكه، والخيارات التي يجب أن يتبناها. إن الإنسان لديه حرية الاختيار، وهو الذي يحدد الطريق الذي يتناسب مع معتقداته ويدرك ما لا يؤثر سلباً على مصالحه.
نبذة عن وليم جيمس
وُلد وليم جيمس في الولايات المتحدة، حيث كان فيلسوفاً وعالماً بارزاً. حصل على شهادة الدكتوراه في الطب من جامعة هارفارد، وعُين أستاذاً في مجال التشريح والفيزيولوجيا، ثم انتقل ليصبح أستاذاً لعلم النفس. يُعتبر جيمس أول معلم يقدم دورة لتدريس علم النفس باللغة الإنجليزية. نشأ في عائلة تشجع على تطوير المواهب والذكاء الفكري.
على الرغم من مواجهته لعدة مشكلات صحية خلال مسيرته، بما في ذلك وهن عصبي واكتئاب، فقد ترك أثراً عميقاً في التفكير الفلسفي في كل من أوروبا وأمريكا، بما في ذلك التأثير على مفكرين مثل جون ديوي وأدموند هوسرل. توفي وليم جيمس في نيو هامبشير عام 1910 عن عمر يناهز ثمانية وستين عاماً نتيجة نوبة قلبية.