أهل الحديث في العقيدة
قام مجموعة من العلماء بإيلاء اهتمام خاص بالحديث النبوي الشريف، مشتبكين في ذلك في نهج السلف الصالح. وقد عُرف هؤلاء العلماء بـ “أهل الحديث”، حيث اقتدوا بسنة النبي -صلى الله عليه وسلم- والتزموا بتوجيهاته وتخلقوا بأخلاقه. إنهم سلكوا طريق الحق عبر اتباع كتاب الله وسنة رسوله. في الماضي، كان يُطلق اسم أهل الحديث للإشارة إلى من اقتربوا من أهل الكلام، وهم أيضاً كُثر من أهل الرأي الذين أدخلوا على العلم ما ليس منه. يتوافق مصطلح أهل الحديث مع مفهوم أهل السنة والجماعة، كما يظهر من خلال استخدام العلماء هذين المصطلحين بدون تمييز، ومن بينهم ابن تيمية والصابوني.
أهل الحديث في علوم الحديث
لقد تطور مفهوم “أهل الحديث” مع مرور الزمن ليشير إلى الجماعة المهتمة بالحديث النبوي الشريف، سواء من حيث الرواية فقط أو من حيث الرواية والدراية معاً. إنهم الأشخاص الذين يستشهد بهم في الأحكام المتعلقة بالأحاديث، والتي تتضمن التصحيح والتضعيف. يُستند في إصدار الحكم على كل حديث إلى مسيرة طويلة من البحث الدقيق والتحقيق في سند الحديث ومتنّه، كما يُستخدم أيضاً مصطلح “أصحاب الحديث” أو “رجال الحديث” للدلالة على المحدثين الذين هم في ذات الوقت أهل الحديث المختصين بروايته ودراسته.
أهل الحديث في الفقه
كان لعلماء أهل الحديث اهتمام كبير في الجانب الفقهي، مثل البخاري ومسلم وأصحاب السنن والدارمي وأحمد بن حنبل وغيرهم. لاحقاً، انفصل علماء الحديث عن علماء الفقه، مما أدّى إلى تسمية المحدثين بـ “أهل الحديث”، بينما أطلق على الفقهاء في مدرسة أبي حنيفة لقب “أهل الرأي”. وقد اختلف العلماء في كيفية تصنيف أهل الرأي وأهل الحديث؛ حيث يعتبر البعض أن الذين يستخدمون القياس والاستنباط هم من أهل الرأي، بينما يرى الآخرون أن السنة هي المعيار الأساسي في تمييز العالم بين أن يكون من أهل الحديث أو من أهل الرأي. هذا التقسيم أصبح ضرورياً نتيجة التوسع الكبير للدولة الإسلامية، ودخول الألسن الأعجمية، وكثرة المجتهدين واختلاف أساليبهم.