البحر الميت
يعد البحر الميت، المعروف أيضًا بالبحر المالح، أدنى نقطة على سطح الأرض وأحد المسطحات المائية الفريدة؛ إذ يقع شاطئه على عمق يقارب 430 مترًا تحت مستوى سطح البحر، وفقًا للسجلات المعتمدة لمنتصف عام 2010. ومع ذلك، يواجه هذا البحر انخفاضًا سنويًا في مستوى المياه يبلغ حوالي متر واحد. يتموضع البحر الميت في جنوب غرب آسيا، حيث يتبع شاطئه الشرقي للمملكة الأردنية الهاشمية، بينما يخضع شاطؤه الغربي لسيطرة الاحتلال الإسرائيلي.
للبحر الميت مكانة مميزة في الديانات السماوية الثلاث: الإسلام، والمسيحية، واليهودية، حيث شهد العديد من الوقائع التاريخية المهمة. كما يعتبر من أقدم منتجعات الصحة والعافية في العالم، وكان مصدرًا لعدد من المنتجات بما في ذلك مسكنات التحنيط المستخدمة من قبل المصريين القدماء، والبوتاس الذي يستعمل للأسمدة.
أهم أملاح البحر الميت
تتميز مياه البحر الميت بمستوى عالٍ من الملوحة، حيث تبلغ النسبة 30%، وهو ما يعادل حوالي 8.6 أضعاف متوسط ملوحة المحيطات. يُعتبر البحر الميت هو ثاني أكثر المسطحات المائية ملوحة بعد بحيرة عسل في جيبوتي. وتتكون مياهه من حوالي 53% من كلوريد المغنيسيوم، و37% من كلوريد البوتاسيوم، و8% من كلوريد الصوديوم (ملح الطعام). تشمل باقي الأملاح الكبريتات وأيونات البروميد، وقد تم تأسيس شركة البوتاس العربية (APC) في عام 1956 للاستفادة من هذه الأملاح.
فوائد بعض أملاح البحر الميت
تتمتع أملاح البحر الميت بفوائد متعددة، إذ يحتاج الجسم إلى ملح الطعام للمساعدة في امتصاص العناصر الغذائية ونقلها، فضلاً عن الحفاظ على ضغط الدم وتوازن السوائل في الجسم. تلعب الأملاح أيضًا دورًا في انقباض العضلات وإرسال الإشارات العصبية. تستخدم هذه الأملاح أيضًا في تنظيف الأواني وإزالة البقع والشحوم. وفي الشتاء، تُستخدم لحماية الطرق من الجليد، بالإضافة إلى تنسيق الطعام وتعزيز لونه الطبيعي وصنع المخللات وحفظ اللحوم. أما الكبريتات أو أملاح حمض الكبريتيك، فهي تتمتع بالفوائد التالية:
- تستعمل بواسطة بعض الكائنات الدقيقة اللاهوائية كمستقبلات للإلكترونات.
- تستخدم أملاح كبريتات المغنيسيوم في الحمامات العلاجية.
- يستخدم الشكل المعدني لكبريتات الكالسيوم الرطب المعروف بالجبس في صنع الجص.
- تستخدم كبريتات النحاس كمبيد للطحالب.
- تستخدم أيونات الكبريتات كأيونات مضادة لبعض الأدوية الكاتيونية.
الأهمية العلاجية للبحر الميت
يشتهر البحر الميت كمنتجع صحّي يُقصد من قِبل الآلاف من الزوار حول العالم لتجديد النشاط والعلاج والاسترخاء. يوفر هذا البحر فوائد فريدة لا تتوفر في المنتجعات الأخرى، حيث تُعد أملاحه الغنية بالمعادن، إضافةً إلى الغلاف الجوي المشبع بالأكسجين، وأشعة الشمس الساطعة، والينابيع المعدنية الحارة، والطين الغني بالمعادن، جميعها عوامل تساهم في تقديم علاج فعال للعديد من الأمراض الجلدية مثل التهاب الجلد الاستشرائي، والبهاق، ومرض الصدفية، مخالفات في الجهاز التنفسي مثل الربو، وأمراض أخرى بما في ذلك ارتفاع ضغط الدم، ومرض باركنسون، ومشكلات الدورة الدموية.
علاوةً على الفوائد العلاجية، تُنتج مختبرات البحر الميت مجموعة من المنتجات الطبيعية العالية الجودة، مثل القناع الطيني للوجه، وجل الاستحمام، وأملاح الحمام، والشامبو، والصابون، وكريمات الشمس. يمكن الحصول على هذه المنتجات بسهولة من الأسواق الأردنية أو طلبها عبر الإنترنت من أي مكان في العالم.
أنواع العلاج في البحر الميت
استنادًا إلى الأهمية العلاجية المذكورة، يمكن تصنيف العلاجات المتاحة في البحر الميت إلى:
- العلاج المناخي: الذي يستند إلى الخصائص المناخية مثل أشعة الشمس الساطعة ودرجات الحرارة والرطوبة.
- العلاج بأشعة الشمس: الذي يستهدف علاج بعض الأمراض من خلال التعرض لأشعة الشمس.
- العلاج البحري: الذي يعتمد على الاستحمام في مياه البحر الميت المالحة.
- المعالجة بالمياه المعدنية: التي تتضمن الاستحمام بالطين المعدني الأسود.
تاريخ البحر الميت
يمكن تتبع تاريخ البحر الميت إلى العصور القديمة، حيث تقع أريحا في شماله، والتي تعتبر أقدم مدينة مأهولة في العالم. يعتقد أن السواحل الجنوبية الشرقية كانت موطنًا لمدن دُمرت في زمن النبي إبراهيم، مثل سدوم وعمورة، بالإضافة إلى مدينة أدمة وزيبم وزوار. كان البحر الميت معروفاً في الحضارات القديمة، ويُقال إن الملكة كليوباترا كانت لها حقوق حصرية لإنشاء مصانع لمستحضرات التجميل والأدوية في منطقة البحر الميت أيام الفتح المصري. في العصر الروماني، لقد استقرت طائفة الأسينيين اليهودية على الشاطئ الغربي، وتميزت المنطقة بوجود آثار قديمة تعود لتلك الفترة.
أعاد الملك هيرودس الكبير بناء العديد من الحصون والقصور على الضفة الغربية للبحر الميت، لعل أبرزها قلعة مسادا التي تعرضت لحصار من قبل الجيش الروماني استمر عامين، وتُعتبر نقطة تاريخية هامة. ومن المعروف أن الجانب الشرقي يشمل قلعة مكاور المشهورة، التي يُعتقد أنها كانت موقع سجن وإعدام يوحنا المعمدان. وفي الشريعة الإسلامية، يرتبط البحر الميت بقصة النبي لوط، الذي أُمر بزيارة مدينتي سدوم وعمورة للبشر. وقد أشار القرآن الكريم إلى تدمير المدينتين بعد رفض قوم لوط لأوامره.