الأول الذي قام بالسعي بين جبل الصفا وجبل المروة

أوّل من سعى بين الصفا والمروة

تُعتبر السيدة هاجر، والدة نبي الله إسماعيل -عليه السلام-، أول من قامت بالسعي بين الصفا والمروة. فقد تركها زوجها، سيدنا إبراهيم -عليه السلام- في منطقة صحراوية قاحلة بماء وتمر بأمر من الله -تعالى-، وكلاً منهما استسلم لإرادة الله -عز وجل-. قال الله -تعالى- على لسان نبيه إبراهيم -عليه السلام-: (رَبَّنا إِنّي أَسكَنتُ مِن ذُرِّيَّتي بِوادٍ غَيرِ ذي زَرعٍ عِندَ بَيتِكَ المُحَرَّمِ رَبَّنا لِيُقيمُوا الصَّلاةَ فَاجعَل أَفئِدَةً مِنَ النّاسِ تَهوي إِلَيكُمْ وَارزُقهُم مِنَ الثَّمَراتِ لَعَلَّهُم يَشكُرونَ). حيث كانت تتناول التمر، وتشرب من الماء، وتُرضع ابنها إسماعيل -عليه السلام- حتى نفد كل ما تملك من الطعام، وجف صدرها، وبدأت تعاني من الجوع والعطش هي وولدها. انطلقت تبحث عن الماء في أقرب جبل لها وهو الصفا، لكن لم تجد أي مساعدة أو ما يسد جوعها. فانتقلت إلى الجبل المقابل، المروة، لتبحث هناك أيضاً. استمرت في السعي بين الصفا والمروة سبع مرات، وعندما كانت تنزل إلى بطن الوادي بين الجبلين، كانت تُسرع وترتفع نبضات قلبها لتتمكن من رؤية رضيعها الذي فقدته من عينيها. حتى سمعت فجأة صوتاً لماء زمزم ينبض من رحم الأرض بقوة الله -تعالى-.

تعريف الصفا والمروة

يُعرف الصفا في اللغة بأنه صخرة كبيرة ملساء لا تنبت فيها نباتات. أما من الناحية الشرعية، فإنه المكان الذي يبدأ منه السعي، ويقع في الطرف الجنوبي من المسعى حيث إنه أعلى نقطة في جبل أبي قبيس. في المقابل، تُعرّف المروة في اللغة بأنها حجارة صغيرة براقّة بيضاء، وفي السياق الشرعي، هي المكان الذي ينتهي إليه السعي وتكون في الطرف الشمالي من المسعى؛ وأصلها في جبل قعيقعان. كما يشار إلى أن السعي هو الفعل الذي يعني الحركة والنشاط، ويكون في سياق الجري، أو السير على الأقدام، وقد عُرف اصطلاحاً بأنه المشي بين الصفا والمروة سبع مرات، بدءًا من الصفا ومنتهياً بالمروة، في إطار شعائر الحج أو العمرة.

حكمة مشروعية السعي بين الصفا والمروة

تثبت مشروعية السعي بين الصفا والمروة بنص القرآن الكريم، كما ذُكِر في السنة النبوية. ففي القرآن الكريم يقول الله -تعالى-: (إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِمَا وَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْرًا فَإِنَّ اللَّهَ شَاكِرٌ عَلِيم)، وفي السنة النبوية، سعى النبي -صلّى الله عليه وسلّم- بين الصفا والمروة، حيث قال: (اسعَوْا، فإنَّ اللهَ كتبَ عليكم السَّعيَ). وقد وُجدت عدة حكم مشروعية للسعي بين الصفا والمروة، منها:

  • إحياء ذكر نبي الله إبراهيم -عليه السلام- وزوجته هاجر، وذلك تكريماً لهما ورفعاً لمكانتهما بعد استجابتهما لأمر الله -سبحانه وتعالى-.
  • استشعار العبد المؤمن بمعية الله -تعالى- في الأوقات الصعبة، وفهم أنّ الاستغاثة في الأزمات لا تكون سوى لله -عز وجل-، كما تجسد الأمر في حال السيدة هاجر. فالله -تعالى- لا يترك من يثق به ويدعوه.