السورة الأخيرة في القرآن الكريم
تعتبر سورة الناس السورة الأخيرة في ترتيب سور القرآن الكريم وفق المصحف الشريف، وليس بناءً على تسلسل النزول. ومن المعروف أن القرآن يحتوي على مئة وأربع عشر سورة، تتوزع بين سبعٍ وثمانين سورة مكية وسبعٍ وعشرين سورة مدنية. تعد سورة الناس من السور المدنية، وقد أشار بعض العلماء إلى أن سبب تسميتها بهذا الاسم يعود إلى تكرار كلمة “الناس” فيها خمس مرات. كما أنها واحدة من خمس سور تبدأ بعبارة “قل”. والغرض العام من السورة هو توجيه الناس للاعتماد على الله سبحانه وتعالى والبحث عن الحق وحماية أنفسهم من شرور الخلق.
أهمية سورة الناس
تحمل سورة الناس فوائد وآثار عظيمة ينبغي على المسلم تأملها. ومن أبرز هذه الفوائد:
تأكيد الربوبية
يتجلى في سورة الناس تأكيد قوي لمفهوم الربوبية، حيث تبرز أن الله هو رب كل شيء ومالك له، وأن جميع الخلق هم عبيد له ويقعون تحت سلطته. وبناءً على ذلك، يتم التأكيد على أهمية الاستعاذة بالله وحده من شرور الشيطان ووساوسه، كما ورد في آيات عدة، حيث يقول الله تعالى: (وَإِمَّا يَنزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللّهِ إِنَّهُ سَمِيعٌ عَلِيم). وللاستعاذة مواطن متعددة، منها ما يكون عند بدء قراءة القرآن، ومنها ما يتم عند الغضب، وغيرها.
الرقية باستخدام سورة الناس
يُستحسن أن يقوم المسلم بقراءة سورتي الفلق والناس، المعروفتين بـ “المعوذتين”، وسورة الإخلاص ثلاث مرات كل صباح ومساء. كما يمكن أن تُقرأ على المرضى والمصابين بالعين بغرض الشفاء، وكذلك عند النوم. فقد ورد في حديث صحيح عن السيدة عائشة -رضي الله عنها- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كان يقرأ المعوذتين على نفسه عند شكواه، وينفث. وقد أوصى النبي -عليه الصلاة والسلام- عقبة بن عامر بالمواظبة على قراءة المعوذتين، حيث قال: (تَعَوَّذْ بِهِمَا، فَمَا تَعَوَّذَ مُتَعَوِّذٌ بِمِثْلِهِمَا). واشتهر اهتمام العلماء بسورة الناس وسورة الفلق نظراً لفائدتهما الكبيرة واحتياج الناس لهما، خاصةً في مواجهة ضرر السحر والحسد وسائر الشرور. وقد أشار ابن القيم إلى أن الحاجة إليهما توازي الحاجة إلى الطعام والشراب.