من هو الشخص الذي كشف عن رأس الحسين؟ وما صحة تلك الادعاءات، وهل يجوز بناء مسجد فوق القبر؟ استمرت قضية رأس الحسين لسنوات عديدة، وتعددت الأقوال حول مكانها في محاولة لثبوتها في مدن عدة، وقامت كل طائفة بالاستدلال على صحة قولها بالعديد من الأقوال، ومن خلال الإجابة عن تلك الأسئلة عبر موقع سوبر بابا، نُفصّل القول حول تلك القضية.
الشخص الذي كشف عن رأس الحسين
كثر الخلاف حول مكان وجود رأس الحسين، وامتد الخلاف حول ستة مدن أُدعِي أنه دفن فيها.
- القاهرة
- عسقلان
- كربلاء
- المدينة
- دمشق
على الرغم من هذا الخلاف القائم ادعى بعض الأشخاص أنهم عاينوا قبر الحسين في مصر وشاهدوا رأسه الشريفة بأعينهم، وأكدوا على وجود رأس الحسين في مصر، وأثبت كل منهم أنه الشخص الذي كشف عن رأس الحسين.
اقرأ أيضًا: قبر الحسين من الداخل
1- الأمير عبد الرحمن كتخدا
فبحث ما روي فإن الأمير عبد الرحمن هو الشخص الذي كشف عن رأس الحسين، ذلك أنه كان مهتمًا بترميم المباني المصرية، وفي عام 1175 م كان يصلح المسجد الحسيني فقيل له إن المشهد المجاور للمسجد لم يثبت أن به رأس الحسين.
أراد الأمير إثبات العكس ويتحقق من صدق ذلك بنفسه، فجمع الناس وأخبرهم بأنه سيكشف المشهد، حتى أنه طلب من الفقيه أحمد بن الحسن الجوهري والمحدث أحمد بن عبد الفتاح الملوي بالنزول والتحقق من رأسه.. بعد دخولهما خرجا وأكدا على وجود رأس الحسين بداخل المشهد، وقصّا ما وجدا بالداخل.
- وضعت رأسه الشريفة داخل كيس من الحرير الأخضر.
- يعلو الكيس ستارة من الحرير.
- وضعت داخل وعاء من الذهب، على كرسي خشبي.
بعد تلك الواقعة أعلن الأمير عبد الرحمن عن وجود الرأس داخل المشهد في القاهرة، وأقام بالعديد من الترميمات حول هذا المشهد.
- أعاد بناء المسجد.
- أقام حوضًا وأضاف إليه صنبورًا
- وضع للعاملين على المسجد مرتبًا ثابتًا.
2- الشيخ منصور الرفاعي الوكيل الأول لوزارة الأوقاف
بدأت الواقعة في الثمانينات.. حيث ظل الجدل حول مكان رأس الحين قائمًا لاسيما بين الأديب أنيس منصور والصحفي عبد الرحمن فهمي، إذ كتب كل منهما عن حقيقة وجود الرأس من وجهة نظرة.
- توجه إمام المشهد الحسيني بالاتصال الهاتفي على فهمي يخبره عن وجود شخص يريد مقابلته بشأن قضية الرأس، فأسرع في الذهاب نحو المشهد.
- عند وصوله للمشهد قابل الرفاعي، والذي استفهم منه أن رجل أعمال كبير قدم طلبًا لوزارة الأوقاف بتجديد مقام الحسين على نفقته الشخصية.
- قدِمت لجنة من الوزارة لمعاينة المشهد ومعرفة مدى احتياجه للترميم، ونزل الرفاعي ورجل الأعمال إلى القبر.
يقول الشيخ منصور الرفاعي ساردًا ما رآه في القبر: “نزلنا إلى مكان الرأس فوجدناه في حجرة صغيرة ملفوفًا في قماش أخضر والحجرة تشع برائحة المسك والزعفران معًا.. وأحضر عمر الفاروق -رجل الأعمال- قماشة خضراء جديدة ولف بها الرأس مرة أخرى…
… ووضع عليه كمية كبيرة من مختلف العطور، ثم أعاد الرأس إلى مكانه.. وخرجنا جميعًا وقمنا بالإعلان على الملأ أن الرأس موجود في الضريح، كما تؤكد روايات التاريخ”.
3- أحمد فرحات – الإمام السابق لمسجد الحسين
بينما كان الشيخ يقوم بأحد الحوارات الصحفية، سُئل عن رأس الحسين وعن حقيقة دفنها في مشهده بالقاهرة، فأقر أنه الشخص الذي كشف عن رأس الحسين، حيث جزم بوجودها، وبين أن من يقول خلف ذلك هو متعصب متحيز.
قال مبينًا أنه كشف عن رأس الحسين شخصيًا في مشهده: “والله لقد رأيتها كثيرًا.. لا شك في وجودها هنا.. هذه حقائق تثبت منها بنفسي”
دون توضيح منه عن الوقت الذي كشف فيه الرأس، أو من شاركه في ذلك.. ويُذكر أنه ظل إمامًا للمسجد الحسيني نحو أربعين عامًا.
اقرأ أيضًا: أصغر قاتل متسلسل في العالم
حقيقة مكان رأس الحسين
بعد بيان تلك الواقع السابقة لأشخاص أدعى كلٌ منهم أنه الشخص الذي كشف عن رأس الحسين، نذكر ما ورد من أقوال لأهل العلم حول مكان قبر الحسين، وحقيقة الرأس.
نفى شيخ الإسلام وجود رأس الحسين في القاهرة، وذكر أنها ادعاءات وردت منذ القرن السادس الهجري.
كما أوضح أن الرأس دفنت بالمدينة كما بينه الزبير بن بكار، وقال في حقيقة نقل الرأس: “والذي صح من أمر حمل الرأس ما ذكره البخاري في صحيحه أنه حمل إلى عبيد الله بن زياد وجعل ينكت بالقضيب على ثناياه، وقد شهد ذلك أنس بن مالك – وفي رواية – أبو برزة الأسلمي وكلاهما كان بالعراق”.
سبب إدعاء وجود رأس الحسين بالقاهرة
أما سبب إدعاء وجودها في القاهرة يرجع إلى واقعة منذ عام 549 هـ.
فقيل إنه لما استولى الصليبيون على عسقلان، خرج الوزير الفاطمي مع عسكره ونزحوا إلى الصالحية، وأخذ الوزير الفاطمي رأس الحسين ووضعها في كيس من الحرير الأخضر ودفنها قرب خان الخليلي في المشهد المعروف الآن؛ كي يفتدي الرأس من الإفرنج.
إلا أن الرأس لم تكن بعسقلان من الأساس ذاك الوقت.. فدل على عدم وجود رأس الحسين في القاهرة.. أما عن حقيقة مكان بدن الحسين، فقد بيّن شيخ الإسلام أن العلماء قد أجمعوا على وجود بدن الحسين في كربلاء.
اقرأ أيضًا: معلومات عن أمية بن خلف في الإسلام
حكم اتخاذ القبور مساجد
أجمع الفقهاء على عدم جواز اتخاذ القبور مساجدًا، وذلك للنهي الوارد عن ذلك في أحاديث النبي صلى الله عليه وسلم.. فقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن اتخاذ القبور مساجدًا فقال: “لَعَنَ اللَّهُ اليَهُودَ والنَّصَارَى، اتَّخَذُوا قُبُورَ أنْبِيَائِهِمْ مَسَاجِدَ”.
كما روي عن السيدة عائشة وعبد الله بن عباس رضي الله عنهما: “لَمَّا نَزَلَ برَسولِ اللَّهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، طَفِقَ يَطْرَحُ خَمِيصَةً علَى وجْهِهِ، فإذا اغْتَمَّ كَشَفَها عن وجْهِهِ، فقالَ وهو كَذلكَ: لَعْنَةُ اللَّهِ علَى اليَهُودِ والنَّصارَى؛ اتَّخَذُوا قُبُورَ أنْبِيائِهِمْ مَساجِدَ. يُحَذِّرُ ما صَنَعُوا”.
أما الحكمة من اتخاذ القبور مساجد.
- سدًا لذريعة الشرك التي قد يتسبب فيها بناء المساجد على القبور.
- حماية للتوحيد من شائبة الشرك.
كما بين الفقهاء أن منبى مسجدًا على قبر وجب عليه إزالته إما بهدم أو غيره إذا وضع على القبر، أما إن وضع القبر في مسجد، وجب إزالة هذا القبر منعًا للمسلمين أن يصلوا عليه وإليه.. بناءً على ما سبق، فلا يجوز أن يجتمع قبر ومسجد في مكان واحد.
لم يتوقف الأمر على إثبات وجود رأس الحسين في القاهرة، فجعلوه مزارًا ومقامًا يتوسل إليه الناس، ويدعون به ويطلبون منه حاجتهم… وهذا ما لم يقل به دين أو شرع.