الشعراء المهمون في الفترة المتأخرة من العصر العباسي

الشريف الرضي

أبو الحسن محمد بن الحسين بن موسى بن محمد بن موسى بن إبراهيم (الكاظم) المعروف بالشريف الرضي، هو شاعر عراقي بارز ولد ونشأ في بغداد عام 969م. كان والده أبو أحمد يتمتع بمكانة مرموقة، مما أثرى تجربة الشريف الرضي منذ صغره. درس العلوم المختلفة بما في ذلك اللغة، والأدب، والبلاغة، والفقه، والتفسير، والحديث، والكلام، على يد مجموعة من علماء بغداد المشهورين. تميز بنبوغه الشعري وقدرته الفقهية، وعُيّن نقيباً للطالبيين خلال فترة حكم الدولة العباسية حتى وفاته. اجتذب شعره الأنظار ببلاغته وعذوبة لغته وغزارة معانيه، بالإضافة إلى دقة الوزن، حيث تناول في قصائده مواضيع متنوعة مثل الغزل، والفخر، والرثاء. ومن المثير للاهتمام أنه بدأ كتابة الشعر في سن مبكرة، حيث نظم أولى قصائده في عمر العشر سنوات.

البحتري

أبو عبادة الوليد بن عبيد الطائي، المعروف باسم البحتري، وُلِد عام 204هـ في منطقة منبج الواقعة شمال شرق حلب، وتوفي في عام 284هـ. ظهر استعداد البحتري للشعر مبكراً، حيث كتب في عدة موضوعات شعرية. يُعدّ المدح أحد أبرز الموضوعات في شعره، إذ كان مداحاً للخلفاء العباسيين بدءاً من المتوكل حتى المعتضد. ومن القصائد المعبرة التي نظمها في مدح بني العباس:

شرفا بني العباس إنّ أبـاكـم

عمّ النبيّ وعيصه المتفرّع

إنّ الفضيلة للذي استسقى بـه

عمر وشفّع إذ غدا يستشفع

وأرى الخلافة وهي أعظم رتبة

حقّا لكم ووراثة مـاتنـزع

أعطاكموها الله عن علم بكـم

والله يعطي من يشاء ويمنع

ابن الرومي

علي بن العباس بن جريج، المعروف بابن الرومي، ينحدر من أصول يونانية، وكان موالياً لعبد الله بن عيسى بن جعفر المنصور العباسي. نشأ في أسرة ميسورة الحال، والتحق بالتعليم في الكتاتيب التي كانت تهدف إلى تحفيظ القرآن وتعليم النحو والشعر والخطب وبعض المسائل الرياضية. ظهر تألقه في الشعر في سن مبكرة، حيث قام بكتابة قصائد هجاء لزميله جعفر، وأصبح الشعر مصدراً لكسب رزقه. ومن أبرز أبياته:

أذاقتنيَ الأسفارُ ما كَرَّه الغِنَى

إلى وأغراني برفض المطالب

فأصبحت في الاثراء أزهد زاهدٍ

وإن كنتُ في الاثراء أرغبُ راغب

حريصاً، جباناً، أشتهي ثم أنتهي

بلحظي جنابَ الرزق لحظ المراقب

ابن المعتز

عبد الله بن محمد المعتز بالله، المعروف باسم ابن المعتز، ينحدر من نسل المتوكل بن المعتصم بن الرشيد العباسي. وُلِد في بغداد، وكان له اهتمام كبير بالأدب، حيث كان يتوجه إلى فصحاء الأعراب للاستفادة من خبراتهم. قيل عنه إنه تولى الخلافة ليوم واحد فقط، إذ عاصر فترة حكم المقتدر العباسي، وجرى خلعه من الحكم. بعد ذلك، بايع الناس ابن المعتز بالخلافة، لكن سرعان ما استعاد المقتدر الحكم وتم اعتقال ابن المعتز الذي قُتل لاحقاً على يد خادمه.