الفرق بين الروح والنفس علميًا وفي الإسلام

الفرق بين الروح والنفس علميًا وفي الإسلام

الفرق بين الروح والنفس علميًا وفي الإسلام ليس دائمًا منحصرًا في بعض الأمور، فهناك من العلماء من يتعامل معهما كأنهما وجهان لعملة واحدة، بينما يعبر عنهما الجانب الآخر بأنهما منفصلين تماما، وهذا ما سنسلط عليه الضوء في موقع سوبر بابا.

الفرق بين الروح والنفس علميًا وفي الإسلام

النفس والروح من المصطلحات التي ذُكرت في القرآن الكريم وتوصف بأنها مشتركة، ففي مرات تذكر الروح ويفهم منها أن المقصود النفس وأحيانا العكس، ففي سورة آل عمران يقول الله تبارك وتعالى: “كل نفس ذائقة الموت”.

فعبّر هنا بالنفس والمراد الروح، فالروح هي التي تموت لأنها هي النفخة العلوية التي نفخها الله في جسم الإنسان، والخلاف بين العلماء والمفكرين دائر ومُستمر وخاصة أن لكل منهم رأيه وحججه ولديه أدلته على ذلك.

سيظل كلٌ منهم مهتمًا بإيضاح الفرق بين الروح والنفس علميًا وفي الإسلام لفترة طويلة، وغالبًا سيظل هذه الخلاف بلا حسم نهائي كشأن الموضوعات الجدلية الفلسفية فتظل دائمًا مفتوحة للنقاش ويُدلي الجميع فيها بدلوه دومًا.

اقرأ أيضًا: إيذاء النفس في الإسلام عند الكبار

النفس والروح عند علماء الفلاسفة

نبدأ بآراء الفلاسفة غير المسلمين بداية، فيبدأ أفلاطون تعريفه للنفس بأنها شيء معنوي منفصل عن الجسم البشري، ولا يمكن إدراكه في هيئة مادية ولكنها تعتبر المصدر للحياة، ومنبع السلوكيات فكل سلوكيات الإنسان منبثقة من سمات نفسه التي فُطر عليها وأن كل الناس تتشابه في كثيرٍ من السمات النفسية، وتختلف في حدتها وقوتها.

ذكر أفلاطون أن الموت يصيب الأبدان ولا يصيب النفوس فالنفس لا تموت، وأرسطو قال إن النفس لا يمكن ولا يصح أن تكون منفصلة عن الجسم لأن صورتها الجسد والنفس تموت وتختفي بموت واختفاء الجسد.

توماس هوبز أيضًا لا لم يؤمن أصلًا بوجود النفس؛ لأنه كان مؤمنًا بالمادية البحتة فلا يوجد في قاموس أفكار الفكرة المعنوية من الأساس.

رأي علماء المسلمين بالروح والنفس

للعلماء الفلاسفة المسلمين رأى في الفرق بين الروح والنفس علميا وفي الإسلام، فلهم آراء مهمة في التعريف والتفرقة.

1- ابن حزم الأندلسي

يقول ابن حزم الأندلسي أن العلماء المسلمين يقولون إن النفس جسم ذو مكانة متحيزة بحيز ومصرفة ومدبرة للجسد وأنها كلفظ هي والروح بمعنى واحد، وهما جسم علوي نوراني خفيف يتصف بالحياة ويسري في الجسم كله.

بمعنى أنهما يعبران عن بعضهما البعض ويختلفان تمامًا عن الجسد وموجودان خلافًا لهوبز الذي أنكر وجودهما.

2- الفيلسوف المسلم ابن سينا

قال ابن سينا أن الجسد كيان منفصل عن النفس وأنها أرقى منه وتظهر القُوى في الجسد كلها باتصال النفس به، فبالتنفس يحيا الإنسان وبالنفس يُدرك المعاني وأن زوالها عنه هو الموت والفناء.

يرى أن النفس غير موجودة في الإنسان فقط بل في الحيوانات والنباتات أيضًا لكن تحقيقك الإدراك لا يكون إلا للإنسان؛ لأن الحيوانات لا تشعر إلا بما هو مادي فقط ولا تدركه.

3- الروح عند الفلاسفة

اختلف الفلاسفة أيضًا في تناول الروح وفي تحديد طبيعتها ومكانها في الجسم واختلافها عن النفس حيث انقسموا إلى استدلالات كثيرة كلها في إطار الأفكار القابلة للنقاش والأخذ والرد فلا يوجد في الموضوع أشياء ثابتة يقينية.

فيقول أرسطو أن الروح محور وجود الكائنات البشرية وخصوصًا الإنسانية، ولكنه رفض في الوقت ذاته أن تكون شيئًا معنويًا، فقال إنها شيء مادي محله في الجسم كله وتنتهي بموت الإنسان فلا وجود لفكرة خلودها.

ديكارت يؤيده في أن لها مكانًا في الجسد بالتحديد وأنها داخل رأس كل إنسان، وبالتحديد توجد في منطقة تجاوز دماغ الإنسان، ليتفق مع أرسطو في كثير من التعريفات بينما تحديد المكان خاص بديكارت.

اقرأ أيضًا: فضل جهاد النفس

الدليل على أن الروح والجسد شيء واحد

على الرغم من اختلاف الفلاسفة في ذلك إلا أن المسلمين ليس لديهم أي دلالة يقينية تؤكد أن الروح شيء آخر غير النفس.. مما يطرح رأيًا مهمًا في الفرق بين الروح والنفس علميا وفي الإسلام.

في حديث للنبي صلى الله عليه وسلم وقد دخل على الصحابي أبي سلمة رضي الله عنه حين موته فأغمضه وقال “إن الروح إذا قبض تبعه البصر” أي أن الروح هي التي تموت.

يؤكد ذلك أن الله سبحانه وتعالى يقول: “اللَّهُ يَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِهَا وَالَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي مَنَامِهَا فَيُمْسِكُ الَّتِي قَضَى عَلَيْهَا الْمَوْتَ وَيُرْسِلُ الْأُخْرَى إِلَى أَجَلٍ مُسَمّىً” وكذلك في الحديث الشريف أن الملك حينما يأتي ليقبض النفوس يقول لروح المؤمن “اخرجي أيتها النفس الطيبة كانت في الجسد الطيب، اخرجي راضية مرضيا عنك”.

هذا ما يؤكد أن الفرق بين الروح والنفس علميًا وفي الإسلام أنهما من الألفاظ المشتركة التي إذا أطلقت على واحد دلّ على الآخر، وأن الفروق بينهما تعريفية ليس إلا وليست فروقًا حقيقية يُمكن الاعتماد عليها، فالفرق بين الروح والجسد علميًا وفي الإسلام فرق نظري من حيث النظرة والتناول لا من حيث الشكل وهذا رأي غالبية الفلاسفة المسلمين.

اقرأ أيضًا: ماذا يعنى الاحتراق الذاتي النفسي في الإسلام

أقسام النفس عند المسلمين

قسّم علماء الإسلام تقسيما رائعا مستندًا إلى القرآن الكريم للنفس الإنسانية.

1- النفس الأمارة بالسوء

هي التي تدل صاحبها على كل شر وتحضُّه عليه وتوسوس إليه دائما بفعله وهي التي جاء ذكرها في القرآن الكريم في قوله تعالى: “وَمَا أُبَرِّئُ نَفْسِي ۚ إِنَّ النَّفْسَ لَأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ إِلَّا مَا رَحِمَ رَبِّي ۚ” وهي أكثر النفوس تواجدًا في البشر.

2- النفس اللوامة

هي الدرجة الأعلى من النفس الأولى، وصاحبها يقع في الصواب أحيانًا ولكنه يقع في الخطأ أحيانًا أخرى، ولكن تلومه النفس دومًا على وقوعه في الخطأ ليظل في كل مرة في حالة حرب بعد كل خطأ.

هذه النفس أقسم بها الله سبحانه وتعالى فقال: “وَلا أُقْسِمُ بِالنَّفْسِ اللَّوَّامَةِ “ فالنفس اللوامة قادرة على توجيه صاحبها للخير طالما تكرار التوجيه يوشك الإنسان على الاستقامة.

3- النفس المطمئنة

هي النفس الأرقى على الإطلاق، وهي التي قادت بصاحبها إلى الخير، وانقادت له حتى أصبح الخير له غاية مطمئنة، فاطمأنت بذلك وثبتت ورسخت وقد ذكرها الله في نداء الملائكة لها عند الموت {يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ (27) ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَّرْضِيَّةً (28) فَادْخُلِي فِي عِبَادِي (29) وَادْخُلِي جَنَّتِي (30)} سورة الفجر.

الفرق بين الروح والنفس قضية فلسفية علمية، لكن الخلاف فيها خلاف فلسفي لفظي ولا يُبنى عليها عمل يخص ما يُصلح المسلم، فيوضع الخلاف في حجمه كي يهتم الإنسان بما يصلحه في الدنيا والآخرة.