الفلسفة الطبيعية: تعريفها وخصائصها وأهمية تطبيقاتها في التعليم

يعتبر جان جاك روسو، رائد الفلسفة الطبيعية في القرن الثامن عشر، هو أول من ناقش مفهوم الفلسفة الطبيعية وتطبيقاتها في مجال التعليم. يتمحور اهتمام فلسفته حول الطفل، وسنستعرض في هذا المقال الفلسفة الطبيعية وتطبيقاتها التربوية.

الفلسفة الطبيعية

يُعتبر جان جاك روسو مؤلف كتاب “أميل” الذي صدر عام 1763م، والذي يُعتبر من أبرز المراجع في التربية خلال القرن الثامن عشر. تركز الفلسفة الطبيعية على فهم طبيعة الطفل كعنصر أساسي في العملية التعليمية.

يهتم محترفو التربية في الفلسفة الطبيعية بالطفل كما هو، بدلاً من التركيز على ما ينبغي أن يكون عليه. وهذا يعني أن التعليم يُعتبر إعدادًا للحاضر بدلاً من كونه تحضيرًا لمستقبل غير مؤكد.

تطبيقات الفلسفة الطبيعية في التربية

تتجلى تطبيقات الفلسفة الطبيعية في مجال التعليم وفقًا لنظريات المربين المشتغلين في هذا المجال على النحو الآتي:

1- المعلم

يُعتبر المعلم في إطار الفلسفة الطبيعية شخصية محايدة، عمله يتركز على تقديم الدعم للطفل وتهيئة الفرص التي تُساعدهم على تنمية نزعتهم الفطرية نحو الخير. يجب أن يتحلى المعلم بالصبر والإخلاص والصدق والحكمة، ويتجنب استخدام العقاب، بل ينبغي أن يُعتمد على طبيعة الطفل لتوجيههم.

2- المتعلم

يجب أن تُعطى الأولوية لميول الطفل ورغباته، حيث يُعتبر التعلم عملية طبيعية تهدف إلى مساعدة الأفراد على النمو والازدهار. في هذا السياق، تُعتبر الفلسفة الطبيعية المتعلم محور العملية التربوية، بدلًا من المعلم.

3- المنهج

من الضروري أن يأخذ المنهج بعين الاعتبار نمو الطفل واهتماماته، مستندًا إلى طبيعتهم الفطرية. ولأن الطفل يولد مزودًا باستعدادات طبيعية، يجب على المربين احترام هذه الاستعدادات وتنميتها من خلال تقديم الأنشطة والخبرات التي تساهم في النمو.

على رأي جان جاك روسو، تُعتبر تجربة الطفل هي المصدر الأساسي والثابت لاكتساب المعرفة، وليس الكتاب المدرسي. في هذه الفلسفة، يُنظر إلى الطبيعة على أنها المعلم الأكبر الذي يعتني بالطفل ويعزز معرفته.

4- طرق التدريس

تنطلق طرق التدريس وفقًا للفلسفة الطبيعية من ثلاثة مبادئ رئيسية، وهي:

  • مبدأ النمو: حيث يُعتبر دور المعلم توجيه النمو الطبيعي للطفل، دون الضغط عليه لتعلم ما لا يرغب فيه.
  • مبدأ نشاط الطفل: يُعنى بتشجيع الطفل على الاعتماد على ذاته واكتساب المعرفة بنفسه.
  • مبدأ الفردية: يسمح لكل طفل بالنمو وفقاً لخصائصه الفردية، مما يتطلب من النظم التعليمية أن تتكيّف مع احتياجات الطفل بدلاً من فرض نموذج موحد عليهم.

5- السلوك

لا يروج هذا الاتجاه لاستخدام القوة أو العقوبات البدنية أو السلطة في عملية التعلم. بل يسعى لتربية الطفل وفقًا للقوانين الطبيعية، مع تشجيع روح الاعتماد على النفس. كما يعارض سيطرة الدولة على قطاع التعليم ويحث على إشراف جهات أهلية وأولياء الأمور.

خصائص الفلسفة الطبيعية

تتميز الفلسفة الطبيعية عن التاريخ الطبيعي، باعتبارها بداية للعلوم الحديثة، من خلال اعتمادها على الاستنتاج والتفسير في دراسة وفهم الطبيعة. بينما يُعتبر التاريخ الطبيعي نوعيًا وموضوعيًا.

انتقادات للفلسفة الطبيعية

تم توجيه بعض الانتقادات لفلسفة روسو، منها:

  • الانعزال عن المجتمع من خلال ترك الطفل في الطبيعة، مما يُعتبر غير واقعي، إذ يحتاج الطفل إلى التواصل الاجتماعي ليفهم نفسه وينمي مشاعره.
  • تقليص أهمية الكتب التعليمية يُعد أمراً غير منطقي، حيث تعتبر الكتب أداة ضرورية وقيمة في العلم.
  • رغم تقسيم روسو لمراحل نمو الطفل إلى أجزاء مختلفة، إلا أن الباحثين في علم النفس والتربية يعتبرون أن الجانب الوجداني موجود بشكل متواصل مع الطفل عبر جميع مراحل حياته.
  • بينما يرى روسو أن الميل والقدرات تظهر تلقائيًا، يتفق الكثيرون على أن العديد من هذه الميول تكون مكتسبة من خلال التفاعل مع البيئة.

الفلسفة الطبيعية وتطبيقاتها التربوية

تتميز الفلسفة الطبيعية بتركيزها على طبيعة الطفل كما هو، بدلاً من التركيز على ما يرغب أن يصبح. فالتربية كما يراها روسو تتجه نحو إعداد الحاضر على أساس طبيعة الطفل الخيرة. للمزيد من المعلومات، يمكن تحميل نسخة من “الفلسفة الطبيعية وتطبيقاتها التربوية” بصيغة PDF. وفقًا لهذه الفلسفة، يعد دور المعلم منح الفرص اللازمة لنمو الطفل ودعمه في ميوله، حيث يُعتبر التجربة المصدر الأساسي للمعرفة بدلاً من التعليم التقليدي.